شكل سؤال التعامل المطلوب مع المتورطين في قضايا الإرهاب القضية المحورية التي انطلقت منها ندوة تقديم مركز النورديك لتحويل النزاعات لتقريره حول العدالة بعد تنظيم داعش، حيث أجمع الخبراء المشاركون في إعداد هذا المشروع على أنه “في عالم أصبح فيه التطرف أمرًا عاديًا، لا يمكن أن تكون استجابتنا مقتصرة على القوة أو القانون فقط، بل يجب أن تقوم على العدالة والصدق والإنسانية”.
الندوة التي حضرها مهتمون من دول أجنبية وممثلين دبلوماسيين شددت على أن هذا التقرير يطرح سؤالًا صعبًا لكنه ضروري: ما نوع العدالة الممكن — والضروري — للأفراد المرتبطين بالجماعات الإرهابية؟”، مبرزةً أن “إطلاق التقرير اليوم يأتي في إطار مشروع “ReOrient” لتعزيز القدرات الوطنية في مجال المتابعة القضائية، وإعادة التأهيل، والإدماج بالمغرب، بدعم من حكومة مملكة هولندا، في إطار التعاون بين مملكتي هولندا والمغرب ضمن المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب (GCTF)”.
نوفل عبود، مدير مركز النورديك لتحويل النزاعات، قال إن “هذا التقرير يصدر في سياق عالمي يشهد اضطراباً عميقاً”، مشيراً في هذا الصدد إلى “ما يعرفه الشرق الأوسط وأوروبا من موجات جديدة من الحروب والعنف ما يجعل خطابات الكراهية والتطرف والإفلات من العقاب تزدهر”.
وأضاف عبود، اليوم الثلاثاء في الكلمة التي ألقاها ضمن ندوة تقديم التقرير أن “الأخير يُذكّرنا بقوة أن الهزيمة الإقليمية لتنظيم داعش لم تمثل نهاية للمشكلة”، مشددا على أنه “لا يزال عشرات الآلاف من الأشخاص — من بينهم أكثر من 9 آلاف معتقل، وأكثر من 42 ألف امرأة وطفل — محتجزين في مخيمات مثل الهول والروج، أو في سجون عالية التأمين، دون إجراءات قضائية منتظمة، وفي ظروف تنتهك القانون الدولي وتُغذّي خطر إعادة التطرف”.
وتابع مدير المركز ذاته أن “هؤلاء الأفراد ينحدرون من أكثر من 60 جنسية”، مؤكداً أن “الاحتجاز المطوّل لهم — دون وضوح قانوني أو عدالة محققة — يعكس شللاً أوسع في النظام الدولي كما أن الجرائم التي ارتكبها تنظيم داعش، بما في ذلك جرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية، لم تتلق رداً قضائياً كافياً”.
وسجل المتحدث ذاته أن “الأطر القانونية الحالية غير كافية”، لافتاً إلى أن “قوانين مكافحة الإرهاب، والقانون الدولي الإنساني، وحتى نظام روما الأساسي، لا تتيح الاستجابة بالشكل الملائم لتعقيد هذه القضايا من النواحي القانونية والسياسية والأخلاقية”.
وضمن الاقتراحات التي تضمنها التقرير، أشار المصدر ذاته إلى أن “هناك مسارًا بديلاً وهو الجمع بين الولاية القضائية العالمية والعدالة الانتقالية فعندما يُطبَّقان معًا، يمكن لهذين النهجين أن يسدا فراغ المساءلة”، مشدداً على أن “الولاية القضائية العالمية تتيح ملاحقة الجرائم الجسيمة بغض النظر عن مكان ارتكابها أو جنسية مرتكبها”.
من جهته، أشاد ممثل السفارة الهولندية بالمغرب، بالتعاون بين المغرب وهولندا في المجال الأمني ومحاربة الإرهاب والتطرف الذي يهدد سلم المجتمعات، مشددا على أن “المغرب يظل شريكا أساسيا لهولندا في ضمان الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي أيضا”.
وعلى المستوى العملي، أورد المسؤول الدبلوماسي الهولندي أن “هناك مجموعة من المشاريع المهمة التي يساهم فيها المغرب والتي تروم محاربة التطرف والإرهاب الذي يعتبر اليوم مشكلا أساسيا يواجه العالم، وهذا أمر إيجابي جدا يحسب للدولة المغربية”.