الغلاء و”اختلالات” تدبير الدعم يحاصران وزيرة الاقتصاد بالبرلمان

حاصر الغلاء الذي تعرفه عدد من المواد الأساسية في الأسواق الوطنية وزيرة الاقتصاد والمالية، نادية فتاح، بالقبة التشريعية، حيث أكد نواب من المعارضة على أن “الحكومة تختبئ وراء السياق الدولي لتبرير هذا الارتفاع الصاروخي للأسعار وتتستر على التجاوزات التي يرتكبها المستفيدون من الدعم العمومي لعدد من المواد الأساسية”، وهو ما ردت عليه الوزيرة بطلب الكشف عن المتورطين في هذه الاتهامات من أجل تقديمهم للقضاء.

وحاولت الوزيرة ذاتها الدفاع عن إجراءات الحكومة خلال السنوات الماضية، في مجال خفض الأسعار وحماية القدرة الشرائية، دون أن تقنع نواب المعارضة البرلمانية الذين أزالت انتقاداتهم أي فعالية عن الإجراءات الحكومية في هذا الباب، مطالبين “النيابة العامة بفتح تحقيق في أثر الدعم العمومي لخفض الأسعار دون أن ينعكس على واقع الأثمان في الأسواق الوطنية”.

وأكدت نادية فتاح أن “الحكومة تقوم بعدة تدابير في مراقبة الأسعار وحماية القدرة الشرائية”، مشيرةً في هذا الصدد إلى أنه “بالإضافة إلى اللجنة الوزارية المكلفة بمراقبة الأسعار هناك أيضا لجان محلية تابعة لوزارة الداخلية ووزارة التجارة والصناعة لمراقبة أسعار المواد المدعمة”.

وبلغة الأرقام، أوردت الوزيرة ذاتها أنه “إلى متم شهر ماي 2025 راقبت الوزارة 182 ألفا و412 نقطة بيع سجلنا من خلالها 12 ألف مخالفة وإتلاف أكثر من ألف طن من المنتوجات”.

وأوضحت الوزيرة ذاتها أن “الوزارة تكثف مراقبتها خلال الفترات التي تعرف نشاطاً استهلاكيا كبيراً وفي مقدمتها شهر رمضان وفي فصل الصيف”، مشيرةً إلى أن “هناك أيضا إجراءات غير مباشرة للحد من الغلاء وعلى رأسها الدعم المقدم لضمان استقرار أسعار بعض المواد أو الإجراءات الضريبية الأخرى كخفض الضريبة على القيمة المضافة والرفع من الأجور”.

وفي نفس الصدد، استحضرت المسؤولة الحكومية معطيات المندوبية السامية للتخطيط، مشيرةً إلى أنها “وقفت على انخفاضات متتالية بـ0.3 من كل شهر، بين مارس وأبريل 2025، في معدلات التضخم الذي يعتبر معياراً مباشراً لقياس ارتفاع الأسعار”.

ولم تنف الوزيرة عينها ارتفاع معدلات التضخم، في مراحل سابقة ولأسباب معروفة، مؤكدةً أن “إجراءات الحكومة طيلة السنوات التي تولت فيها تدبير الشأن العام أتت أكلها بانخفاض نسب التضخم لمستويات مقبولة “.

وسجلت وزير الاقتصاد أن “هذه الإجراءات توزعت بين الإجراءات المؤقتة نتيجة ارتفاع الأسعار لأسباب خارجية وبين إجراءات دائمة ومهمة وعلى رأسها في قطاع الماء والكهرباء الذي لازالت تكلفة الاستفادة منها مرتفعة لدى المكتب الوطني للماء والكهرباء دون أن ينعكس ذلك على طلفة استهلاكه من طرف المواطن”.

إجراءات الحكومة ومعطيات الوزيرة، واجهتها النائبة البرلمانية عن الفريق الاشتراكي، عائشة الكرجي، بالانتقادات بالقول إن “الحكومة فشلت فشلاً ذريعا في ضمان استقرار الأسعار وحماية القدرة الشرائية للمواطنين”. 

وأحالت النائبة البرلمانية على أسعار بعض المواد الأساسية في الدائرة الانتخابية التي تنتمي إليها (قرية بنعودة، سوق أربعاء الغرب) قائلة إن سعر زيت المائدة ارتقت إلى 82.5 درهما و10.5 للسكر (سانيدا) و20 درهماً كمتوسط لسعر علبة شاي. 

ورفضت النائبة البرلمانية ذاتها تبرير غلاء الأسعار بالسياق الدولي (الحروب) أو خضوع الأثمنة إلى ميكانيزم العرض والطلب، مشددةً على أن “استمرار هذا الغلاء يهدد صحة وسلامة المواطنين بشكل خطير”.

وفي نفس الموضوع تدخل رئيس الفريق الحركي، ادريس السنتيسي، في إطار نقطة نظام، مؤكداً أن “غلاء الأسعار يتغذى بوجود المضاربين في الأسواق الوطنية بالجملة للخضر والفواكه والريع الذي يغزو هذه الأسواق المهمة والوسطاء الذين يستثمرون في حاجة المغاربة”، مشددا على أنه “لا بد من إنهاء هذا التضارب الذي لا يخدم مصلحة المواطنين”.

من جانبه، اتفق رئيس فريق التقدم والاشتراكية، رشيد حموني، مع رأي السنتيسي الرافض لتبرير الغلاء بالعوامل الخارجية، مشددا على أن “سبب هذا الغلاء الفاحش هو المضاربون والفساد والاحتكار الذي يكبل الأسواق الوطنية”. 

وعلق حموني على أرقام الوزيرة ذاتها بالقول إن “المعطيات التي تقدمها الوزارة حول مراقبة الأسواق والأسعار مهم لكن أيضا لابد من مراقبة من يستفيد من الدعم بالملايير دون تحقيق أي استفادة”، ملتمسا من “النيابة العامة فتح تحقيق في هذه التجاوزات ونهب ملايير الدراهم من أموال المغاربة”.

اتهامات نواب المعارضة واجهتها الوزيرة بالقول إن “لائحة الأسعار مضبوطة وسنقارنها مع لائحة السنوات الماضية”، رافضةً الاتهامات بالقول: “الحكومة لا تختبئ وراء الأوضاع الخارجية والسياق الدولي، وإنما هذا واقع يفرض نفسه ولابد من الحكومة أن تتعامل معه، وتدبير الحالة وفق المحفظة العمومية”.

عن أسيل الشهواني

Check Also

ضربة جديدة للجزائر.. بنما تلتحق بالداعمين لمبادرة الحكم الذاتي وتؤكد مغربية الصحراء

الخط : A- A+ تعتبر جمهورية بنما مبادرة الحكم الذاتي، بمثابة “الأساس الأكثر جدية ومصداقية …

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *