حذر أستاذ العلاقات الدولية ورئيس المركز المغربي للدبولماسية الموازية وحوار الحضارات بالرباط، عبد الفتاح البلعمشي، من أن التعاطي مع مبادرة الحكم الذاتي المطروحة من طرف المغرب لا يجب أن يتم بسطحية أو اختزال، مبرزًا أن المبادرة في جوهرها ليست عرضًا أحاديًا، بل تندرج ضمن منطق تفاوضي دولي يعكس انفتاح المملكة المغربية ورغبتها في المساهمة الفعلية في إيجاد تسوية نهائية لقضية الصحراء تحت إشراف الأمم المتحدة.
واعتبر أستاذ العلاقات الدولية في جامعة القاضي عياض بمراكش، أن التصور الدراماتيكي الذي يحمله البعض للمبادرة قابل للتجاوز، بل وحتى للتخلي عنه في حال لم تجد هذه المبادرة قبولًا لدى الأطراف الأخرى، مبرزًا في الوقت نفسه أن المغرب اليوم يدبر أقاليمه الجنوبية ضمن إطار التراب الوطني الشامل، في انسجام تام مع النموذج التنموي الجديد الجهوي الذي جاء به دستور 2011، والذي يؤسس لجهوية متقدمة تشمل مختلف مناطق المملكة.
وفي هذا السياق، شدد المتحدث ضمن مائدة مستديرة نظمتها مؤسسة علي يعتة بمقر حزب التقدم والاشتراكية، اختير لها موضوع “الوحدة الترابية المغربية ومقترح الحكم الذاتي كآلية للحل النهائي”، على ضرورة التمييز بين المسار الداخلي والمسار الدولي في التعاطي مع هذا النزاع، متوقفًا عند أسئلة جوهرية تطرح نفسها بإلحاح، وعلى رأسها: ماذا سيكون موقف الجزائر في حال قبول “البوليساريو” بمقترح الحكم الذاتي؟ وهل من الممكن أن يحدث شرخ أو انقسام داخل جبهة “البوليساريو” نفسها بين من يقبل بالمبادرة ومن يرفضها؟
وفي حال تحقق تسوية نهائية للنزاع، أشار البلعمشي إلى إشكال تمثيلية “صحراويي الداخل”، متسائلًا عن حجم مشاركتهم السياسية والاقتصادية، وهل سيتم التعامل معهم على أساس عددي أم وفق منطق المناصفة؟ كما دعا إلى التفكير في الكيفية التي سيتم بها تدبير القطاعات الحكومية في الأقاليم الجنوبية، وهل ستتم عبر لجان مشتركة تعالج كل قطاع وآلية بشكل مستقل، أم أننا سنكون أمام نموذج تدبيري من طرف الدولة يتطلب قبولًا من جميع المعنيين؟
وشدد أستاذ العلاقات الدولية ورئيس المركز المغربي للدبولماسية الموازية وحوار الحضارات بالرباط، عبد الفتاح البلعمشي، على أهمية التحديد الدقيق للفئة المعنية أساسًا بمبادرة الحكم الذاتي، محذرًا من “الخليط غير المتجانس” الموجود في مخيمات تندوف، والذي قد يتحول إلى عثرة أو عنصر خلخلة للتوازنات السياسية والاجتماعية المرتقبة في حال تحقق الحل، خاصة في ما يخص العلاقة المستقبلية مع “صحراويي الداخل”.