بعد سلسلة من الحملات الترافعية، تعتزم الجمعية المغربية لحماية المال العام تنظيم وقفة احتجاجية أمام البرلمان، يوم السبت 14 يونيو، احتجاجا على المقتضيات الواردة بمشروع قانون المسطرة الجنائية، تحت شعار “لا للتضييق على المبلغين عن جرائم المال العام، لا للمس باستقلالية النيابة العامة”.
وجاءت الخطوة التصعيدية بعد مسار ترافعي قادته الجمعية مع كل مؤسسات وأحزاب سياسية من الأغلبية والمعارضة، والتي وجهت لها مراسلات لعقد لقاءات معها لتوضيح مواقف الجمعية من قضية مكافحة الفساد، حيت تم عقد لقاءات مع الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، ومؤسسة وسيط المملكة، إضافة إلى المجلس الوطني لحقوق الإنسان.
وفي اطار مواصلة اللقاءات الترافعية، زار وفد للمكتب الوطني للجمعية المغربية لحماية المال العام الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها بحضور رئيسها محمد بنعليلو، حيث تم استعراض تصور الجمعية “لقضية مكافحة الفساد وتخليق الحياة العامة، وهي قضية لا يمكن ان تتم مواجهتها بمعزل عن إدماج كل الديناميات المجتمعية والمؤسساتية في صلب هذه المعركة المفصلية والحاسمة”، حسب محمد الغلوسي، رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام.
وقال الغلوسي إن الاجتماع ركز على أن الجمعية المغربية لحماية المال العام “لا تدعي أنها لوحدها قادرة على مكافحة الفساد بل لابد من شراكة حقيقية من أجل التصدي لهذه الآفة الخطيرة التي تهدد الدولة والمجتمع، ولذلك فإننا نعتبر فتح ورش الوقاية من الفساد أهم من المقاربة الزجرية التي تأتي في آخر الأولويات”.
وسجل وفد الجمعية قلقها “من المحاولات الرامية إلى تدشين مسلسل التراجعات التي حققتها بلادنا فيما يتعلق بتكريس دور المجتمع المدني في صناعة وتقييم السياسات العمومية وتعزيز المقاربة التشاركية وتقييد صلاحيات النيابة العامة في مجال السياسة الجنائية ومواجهة الإفلات من العقاب، وهو مسعى خطير يمس بالاختيار الديمقراطي كثابت من ثوابت المملكة ويتناقض مع الدستور والالتزامات الدولية لبلادنا، وتتضح هذه الخطورة من خلال السعي لفرض مضمون المادتين 3 و 7 من مشروع قانون المسطرة الجنائية”.
كما زار وفد حماة المال العام مؤسسة وسيط المملكة، بحضور رئيسها حسن طارق، حيث تم استعراض “العديد من الإشكالات المرتبطة بالوقاية من الفساد بما يتطلبه ذلك من إصلاحات مؤسساتية وتشريعية وفي مقدمتها تجريم الإثراء غير المشروع وتضارب المصالح وإعادة النظر في قانون التصريح الإجباري بالممتلكات وغيرها من القوانين وتفعيل أدوار مؤسسات الحكامة”.
ونقل الجمعية لوسيط المملكة انشغالاتها ومخاوفها “ذات الصلة بورش تخليق الحياة العامة والتعبير عن رفضنا الواضح للمادتين 3 و7 من مشروع قانون المسطرة الجنائية اللتان تهدفان في العمق إلى تجريد المجتمع من سلطته الرقابية في تتبع تنفيد السياسات العمومية وتقييمها بما يعني ذلك من حق المجتمع افرادا وجمعيات في التبليغ عن جرائم المال العام”.
واعتبر وفد الجمعية، وفق ما نقله محمد الغلوسي، أن “المادتان تشكلان مسا خطيرا باستقلالية النيابة العامة في مجال تنفيد السياسة الجنائية في شقها المتعلق بالتصدي القانوني والقضائي لجرائم المال العام، وهو توجه يجعل سلطة التشريع في خدمة فئة قليلة تدبر الشأن العام وتحدث امتيازا وتمييزا غير مقبولين”.
وفي السياق ذاته، زار وفد الجمعية مقر حزب التقدم والاشتراكية، والتقى مكتبه السياسي برئاسة الأمين العام نبيل بنعبد الله، حيث تم التأكيد، وفق الغلوسي، على أن “الفساد ليس مجرد حالات معزولة بل إنه نسقي ومعمم وبنيوي، وتحول إلى سلوك وثقافة واخترق كافة المجالات المجتمعية والرسمية”.
وأكد وفد الجمعية على أنه “لا نختزل الفساد ونهب المال العام والإثراء غير المشروع في الجماعات الترابية والمنتخبين من مستشارين وبرلمانيين، فهذه مقاربة اختزالية وانتقائية ومشوهة تهدف إلى جعل بعض “البنيات ” كما نقول بالدراجة مجرد “جفاف ” وهو أمر نرفضه وندينه”.
وجدد حماة المال العام، بحسب الغلوسي، “مطالبنا الهادفة إلى ربط المسؤولية بالمحاسبة دون انتقائية”، مطالبين “المجلس الأعلى للحسابات وكافة الهيئات الرقابية بافتحاص مالية الوزارات والمؤسسات والمرافق والإدارات العمومية دون استثناء وعدم الاقتصار على المنتخبين والأحزاب السياسية، مع العلم أن الجماعات الترابية بمختلف اشكالها والأحزاب السياسية لا تدير ولا تتصرف إلا في النزر القليل من الاموال العمومية مقارنة مع مؤسسات عمومية وقطاعات وزارية تدير اموالا بأرقام فلكية “.