اعتبر الأمين العام لاتحاد المحامين العرب، بنعيسى المكاوي، أن مهنة المحاماة ليست مجرد وساطة قانونية، بل رسالة سياسية وإنسانية لا تنفصل عن قضايا الشعوب وكرامتها، مؤكداً أن “القضاء لا يجب أن يقف عند حدوده التقليدية، بل عليه أن يلعب أدوارًا سياسية في مواجهة التحديات التي تهدد الشعوب المستضعفة”.
وانطلق المكاوي من مقولة الراحل عبد الكريم غلاب، الذي انتقد بشدة محاولات الفصل بين مهنة المحاماة والسياسة، معتبراً ذلك تنزيلاً خطيراً لدور المحامي إلى درجة “الوكالة”، وهي منزلة لا تليق بمن يحمل هم الوطن والعدالة.
وانتقد الأمين العام لاتحاد المحامين العرب الصمت الدولي إزاء الجرائم الإسرائيلية في قطاع غزة، حيث وصف ما يحدث هناك بأنه “إبادة جماعية تمارس بوسائل جهنمية” تستهدف الإنسان والبنية التحتية على حد سواء.
ورغم صدور قرارات عن المحكمة الجنائية الدولية، منها قرار باعتقال وزير الدفاع الإسرائيلي السابق، فإنها بقيت، حسب قوله، “حبراً على ورق”، داعياً المحامين العرب إلى استثمار كفاءاتهم القانونية لفضح جرائم الاحتلال أمام المنتظم الدولي.
وتطرق الأمين العام للاتحاد، في كلمة له بندوة، نظمتها حزب الاستقلال، إلى واقع مهنة المحاماة في المغرب، مشيراً إلى أنها تعاني من “الاضطراب” بفعل عدد من مشاريع القوانين، خصوصاً في المسطرة المدنية والجنائية، وهو ما يتطلب، حسب قوله، “نقاشاً مفيداً وبنّاءً يحمي المقدسات والحريات ويصون كرامة المهنة واستقلالها”.
في هذا السياق، استحضر النقيب كلمات المغفور له محمد الخامس، الذي أكد في خطاب تاريخي سنة 1957 أن “مهنة المحاماة حرة ومستقلة وستبقى كذلك”، كما استند إلى مواقف الحسن الثاني ومحمد السادس التي تكرس دور المحامي كعنصر أساسي في تحقيق العدالة.
وسجل بنعيسى المكاوي خطورة المادة 9 من قانون المالية لسنة 2020، التي تمنع الحجز على أموال الدولة، معتبراً أنها تشكل “تدخلاً سافرًا في استقلال القضاء” وانتهاكًا صريحًا لمبدأ تنفيذ الأحكام القضائية، محذراً من أن عدم التنفيذ “يؤدي إلى انحلال الدولة”.
وأكد أن قانون مهنة المحاماة رقم 28.08 بحاجة إلى تعديل يعيد تعريف دور المحامي باعتباره “شريكاً في إقامة العدل لا مجرد مساعد للقضاء”، داعياً إلى مراجعة المادة الأولى لتنسجم مع هذا المفهوم، بالإضافة إلى تعديل المادتين 21 و31 بشكل يكرّس المساواة في تمثيل القضايا، سواء تعلّق الأمر بأشخاص ذاتيين أو معنويين أو مؤسسات الدولة.
وختم المتحدث بالدعوة إلى توسيع دائرة المساعدة القضائية ورفع سقف الأتعاب بما يضمن كرامة المحامي، معتبراً أن النصوص القانونية الحالية لا تواكب المهام الفعلية للمهنة ولا تعكس الدور الحيوي الذي تضطلع به في المجتمع.