يشهد سباق التسلح بين المغرب والجزائر تحولا ملموسا على صعيد الفجوة الميزانياتية والعسكرية، حيث تقلصت بشكل واضح في السنوات الأخيرة لصالح المغرب، ما يفتح آفاقا جديدة في توازن القوى في منطقة المغرب الكبير.
وفقا لما كشفه الموقع الإسباني المتخصص في الشؤون العسكرية والاستراتيجية “ديسيفراندو لا غيرا”، فرغم أن الجزائر تبقى الأكثر إنفاقا على الدفاع في القارة الإفريقية، حيث يتوقع أن تصل ميزانية دفاعها لعام 2025 إلى نحو 24.27 مليار يورو، بزيادة قدرها 10 بالمئة عن العام السابق، فإن المغرب يحقق تقدما ملحوظا، حيث يخصص حوالي 12.3 مليار يورو بزيادة 7.25 بالمئة مقارنة بعام 2024، ما يعكس دينامية تصاعدية مستمرة تخفض الفارق بين الدولتين.
ويشير التقرير إلى أن عام 2023 شهد نقطة تحول مهمة، حيث زادت الجزائر ميزانيتها العسكرية بنسبة قياسية بلغت 91.08 بالمئة مقارنة بعام 2022، وخصصت ما يعادل 8.17 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي للدفاع، في وقت شهد المغرب زيادة متواضعة بنسبة 1 بالمئة فقط في الفترة ذاتها، لكن التسارع في السنوات اللاحقة دفع الفارق للانخفاض بشكل ملحوظ.
وأشار المصدر عينه إلى أن الجزائر تواصل تعزيز ترسانتها بمنظومات روسية متطورة، إذ من المتوقع أن تستلم خلال 2025 أولى طائرات “سو-57” الروسية من الجيل الخامس، إضافة إلى صواريخ “إسكندر”، وأنظمة الدفاع الجوي “إس-400″، ودبابات “تي-90 إس إيه”، بالإضافة إلى تحديث أسطولها من المقاتلات “سو-30″، في إطار برنامج تحديث شامل لقواتها المسلحة التي تعتمد بشكل شبه كلي على الأسلحة الروسية.
وفي مواجهة هذا التحدي، يوضح “ديسيفراندو لا غيرا” أن المغرب يركز على تعزيز وتحديث طائراته الحربية الفرنسية من طراز ميراج 2000-9، التي تم تحديثها مؤخرا في الإمارات، ومن المتوقع استلامها بحلول 2027، إلى جانب تسلم 25 مقاتلة أمريكية من طراز F-16 Block 70/72 Viper، بالإضافة إلى مقاتلات الهليكوبتر “أباتشي”، ما سيرفع القدرات الجوية المغربية بنسبة 62 بالمئة خلال العامين المقبلين.
رغم التكهنات التي أثيرت حول شراء المغرب لطائرات الجيل الخامس F-35 الأمريكية، يؤكد الموقع الإسباني نقلا عن محللين مغاربة، عدم وجود أي اتفاق رسمي حتى الآن، خاصة وأن تكلفة مثل هذا العقد الضخم تفوق الميزانية الدفاعية للمملكة.
ويشير التقرير ذاته إلى أن هذا التنافس في القدرات الجوية والمعدات الحديثة، رغم التفوق الجزائري الحالي، يمنح المغرب فرصا حقيقية لتقليص الفجوة العسكرية خلال السنوات القادمة، مدعوما بتحالفاته الاستراتيجية مع الولايات المتحدة والإمارات وإسرائيل، التي توفر له دعما تكنولوجيا وعسكريا متقدما.
وشدد على أن تناقص الفجوة العسكرية والميزانياتية بين المغرب والجزائر سيؤدي إلى إعادة تشكيل موازين القوى في المغرب الكبير، مع احتمالات تصعيد أو إعادة ضبط للعلاقات على ضوء تحولات التحالفات الإقليمية والدولية، ما يجعل مستقبل المنطقة مرهونا بقدرة البلدين على إدارة هذا الصراع بحكمة.
وترى الصحيفة الإسبانية أن عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض قج تغير الديناميكيات الإقليمية، مشيرة إلى أن “الأمر الأكثر إثارة للقلق هو ألا أحد يعلم كيف. فرغم أن واشنطن لا تملك مصالح اقتصادية قوية على غرار مصالحها في مناطق أخرى، فقد تدفع نحو انفراج في العلاقات بين المغرب والجزائر، كما حاولت مع أوكرانيا وروسيا، أو حتى تطبيع العلاقات مع الجزائر لإبعادها عن الفلك الروسي، والأهم من ذلك، الصيني”.