نعيش عصر موْتِ السياسة وتحَوُّل الفاعلين فيها إلى محتويات بصرية

اعتبر أستاذ العلوم السياسية بكلية الحقوق أكدال بالرباط، كمال الهشومي، “أننا نعيش اليوم عصراً ماتت فيه السياسة”، مشددا على أن “الفاعل السياسي تحول من المسؤول الملتزم إلى مادة للاستهلاك البصري فقط”.

وأشار الهشومي، ضمن اللقاء الذي نظمته مؤسسة الفقيه التطواني حول أزمة موضوع “السياسة اليوم: أزمة فعل أم أزمة صورة؟”، إلى أن “الأحزاب السياسية تراجعت في غموض تام للبرامج وتعطيل للبرلمان وإضعاف الوساطة الاجتماعية، لافتاً إلى أن كل هذه المظاهر هي نتيجة لتعطيل الحياة السياسية وجعلها ممارسة بلا معنى ومؤسسة بلا مشروع وهو ما يسمى بـ”موت السياسة أو نهاية السياسة”.

وأوضح المتحدث ذاته أن “هذا الواقع هو الذي ينتج إدارة الفاعل السياسي للفراغ مقابل انزواء المجتمع للامبالاة أو الاحتجاج أو الخروج إلى الشارع للتعبير عن الغضب، مشددا على أن هذا الواقع يغذيه عدم قدرة الأحزاب السياسية على إنتاج حلول لملفات اجتماعية مهمة، لا في الأغلبية أو المعارضة. 

وشدد الأكاديمي عينه على أن “السياسة تحولت من وظيفة إلى واجهة”، مشيراً إلى أن “ما نلاحظه اليوم من خلال الممارسة هو انزياح خطير يعتبر أن السياسة هي مجرد صورة أو عرض أو حتى محتوى رقمي لأننا انتقلنا من السياسي الملتزم الذي يحمل مشروعاً مجتمعياً إلى السياسي المؤثر”.

وأضاف الهشومي أن “السياسي الملتزم هو سياسي يحمل مشروعاً صلباً مقابل السياسي الآخر الذي أصبح مادة للاستهلاك البصري وهو ما يطرح سؤالاً ملحاً مفاده: هل السياسة أداة لتغيير المجتمع؟ أم أنها صورة وفرجة لمجتمع لا يتغير؟”.

وأوضح الهشومي أن هذا الواقع تعززه بنية الحكومة الحالية المفتقدة للبروفايلات المنتمية للأحزاب السياسية وأصحاب التاريخ السياسية والتأثير في الانتخابات مقابل الحضور الكبير لما يسمى الكفاءات والتموقع السريع عبر مواقع التواصل الاجتماعي لها.

وتابع المتحدث ذاته أن “هناك أزمة تمثل في المخيال الشعبي بحكم تراجع صورة الفاعل السياسي على أنه ذو مصداقية وقيم وكاريزما سياسية والتضحية والنزاهة والالتزام الوطني”، مشددا على أن “غياب هذا الواقع هو الذي أعطى صورة على أن السياسة لم تعد تعطي المعنى في تدبير الشأن العام”.

“هل هناك فقدان للثقة في السياسة أم أن في الفاعل السياسي”، سؤال واصل به الهشومي مداخلته، مؤكدا أن “تراجع التمثلات الإيجابية الناتج عن الفشل الذاتي في الفعل السياسي أدى إلى إعادة تشكيل صورة للسياسة من قبل منظومة الترفيه والفرجة الإعلامية والتي يعتبر ترامب من أبرز أعلام هذا التوجه”.

وأوضح الأستاذ الجامعي أنه “على المستوى المغربي، فإن أحداث الريف في 2017 واحتجاجات أساتذة التعاقد أبانت عن خلو الفضاء من طرف المنتخبين مما أدى إلى مواجهة مباشرة بين الشارع وسلطة”.

وسجل المتحدث ذاته أن “هناك إخفاق وظيفي لا فقط تواصلي”، مشددا على أن “الفعل السياسي أصبح يتميز بالضعف وغياب البدائل ما أدى إلى تضخم التدخل التكنوقراطي وبالتالي فقدان الساسة لوظيفتها الأساسية التي هي التغيير”. 

وتابع المصدر ذاته أن “السياسي، في هذا السياق، صار يسير عوض أن يبادر ويدبر بدل أن يخطط وبالتالي إعادة إنتاج المألوف عوض أن اقتراح البدائل”.

عن أسيل الشهواني

Check Also

غانا تدعم الحكم الذاتي المغربي كحل واقعي لقضية الصحراء

أكدت جمهورية غانا أن مخطط الحكم الذاتي الذي تقدمت به المملكة بمثابة الأساس الواقعي والدائم …

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *