الخط :
تتسم العلاقات الدولية بالطابع المتسارع، كما أن سياق التحولات الجيوسياسية، وما يشهده المشهد الدولي من تغيرات عميقة في المواقف تجاه ملف الصحراء المغربية، يزيد من عزلة النظام العسكري في الجزائر، وآخرها بروز دعم بريطانيا للحكم الذاتي الذي أحدث زلزالا دبلوماسيا يُعيد رسم خريطة التحالفات ويُلقي بظلاله الثقيلة على مستقبل القضية.
وهذا التطور البارز، الذي يعتبر بمثابة “ضربة مؤلمة للجزائر” التي تجد نفسها اليوم في عزلة تامة تتزايد فصولها، ليؤكد أن مسار الحل النهائي يقترب، وأن منطق الواقعية والمصالح بات يفرض نفسه بقوة على حساب الشعارات القديمة والمواقف العابرة.
وفي هذا السياق، أكد المحلل السياسي إدريس قصوري، في تصريح خاص لموقع “برلمان.كوم”، أن الاعتراف البريطاني بمغربية الصحراء يمثل “ضربة مؤلمة للجزائر” وموقفا تاريخيا سيحسم النزاع الإقليمي بشكل نهائي.
وشدّد قصوري على القيمة التاريخية والوزن السياسي والدبلوماسي للموقف البريطاني، نظرا لكون المملكة المتحدة حاضرة بقوة في المحطات الأممية عبر التاريخ وفي جميع القارات، وتتمتع بخبرة سياسية واسعة وتعد مرجعية كبرى في حل النزاعات.
وأشار قصوري إلى أن بريطانيا ليست دولة عادية في هذا السياق، بل هي أقدم من الولايات المتحدة في هذا الموضوع، ومواقفها تكون أعمق ولها تأثير بالغ على مجموعة من الدول التي تنتظر موقفها.
ووصف قصوري الموقف الأمريكي بأنه كان مجرد بداية لكسر تردد الدول المتقاعسة، مؤكداً أن الموقف البريطاني يمثل “الموجة الحاسمة والقاسمة” التي ستتبعها مجموعة من الدول، وأننا اليوم نعيش “الموجة الثانية والنهائية”.
وأضاف المحلل أن الموقف البريطاني جاء متميزاً بوضوحه، مستشهداً بتصريح وزير الخارجية البريطاني الذي أكد أن “الحكم الذاتي هو الأساس”، نافياً أي مفهوم آخر قد تدرجه الجزائر كتقرير المصير.
واعتبر قصوري أن هذا الموقف متقدم حتى على الموقف الفرنسي، ويؤكد أن الأمر “انتهى وهو الأساس الأكثر واقعية”، داعياً إلى الجلوس للمفاوضات على هذا الأساس الذي لا محيد عنه.
كما أكد أن الموقف البريطاني لا يتحدث عن تقرير المصير، مشيراً إلى استخدام وزير الخارجية البريطاني لكلمة “البراغماتي” التي تحمل مضموناً ورسالة موجهة للجزائر، تعكس تغير الأمور كثيراً على المستوى الدولي.
وشدد قصوري على أن الموقف البريطاني “شجاع جداً” وأن بريطانيا تتجه نحو الاستثمار في الصحراء المغربية. وتوقع أن هذا الموقف، بوزنه ودلالاته، سيساهم في “تليين موقف جنوب إفريقيا” التي عبرت عن عزمها العمل على تغيير موقفها على المستوى الدولي.
وأكد قصوري أن بريطانيا ستكون “قاطرة في هذه البنية” على مستوى الأمم المتحدة، حيث سيصبح هناك ثلاث دول دائمة العضوية في مجلس الأمن متفقة، بالإضافة إلى روسيا والصين اللتين تلتزمان موقفاً صامتاً يدعم المغرب ويتحفظ على الجزائر كما أنه يتجه نحو التخلي عنها.
واعتبر المحلل السياسي المغربي أن هذا التطور يمثل “بوابة كبيرة مفتوحة” نحو نهاية هذا الملف وحسمه، وأن عدة دول كانت تتبع الجزائر ستتبع الموقف البريطاني الجديد.