سجل الحسين الزياني، رئيس جمعية هيئات المحامين بالمغرب، أن المحاماة ليست مهنة تكتفي بتلقي النصوص القانونية بشكل سلبي، بل هي قوة اقتراحية وفاعل أساسي في صناعة التشريع، داعيًا إلى ترسيخ هذا الدور عبر آليات مؤسساتية دائمة داخل البرلمان المغربي.
وأكد الزياني أن تاريخ المحاماة في المغرب لطالما كان مرتبطًا بالمشاركة الفاعلة في صناعة القانون. واعتبر أن التحول الذي شهدته المهنة خلال السنوات الأخيرة، من الانسحاب الجزئي إلى العودة التدريجية للمساهمة التشريعية، ليس سوى رد فعل على تحولات معقدة في السياقات السياسية والتشريعية.
واعتبر رئيس جمعية هيئات المحامين بالمغرب أن المحاماة بالمملكة كانت دومًا في صلب التحولات السياسية والحقوقية، مستشهدًا بأدوار المحامين في البرلمان خلال العقود الماضية، ومبادراتهم منذ أول مناظرة وطنية لحقوق الإنسان سنة 1987 بمدينة وجدة.
وذكّر في ندوة نظمها حزب الاستقلال، بوجدة، بأن جمعية هيئات المحامين لعبت، في فترات سابقة، دورًا استشاريًا مباشرًا مع الحكومة، حيث كانت تُحال عليها مشاريع القوانين المختلفة، وليس فقط تلك المتعلقة بالعدالة، لإبداء الرأي والمساهمة في صياغة التشريعات.
وفي خطوة تروم مأسسة هذا الدور، دعا الحسين الزياني إلى تخصيص مكتب دائم لجمعية هيئات المحامين داخل البرلمان، على غرار ما هو معمول به مع بعض الفاعلين الاقتصاديين والمؤسساتيين، وأبرزها اتحاد مقاولات المغرب.
وأشار إلى أن المرافعة من داخل قبة البرلمان أصبحت مطلبًا ملحًا للمحاميات والمحامين، معتبرًا أن المهنة لم تعد تقبل بالتموقع في هامش النقاشات القانونية، بل تسعى إلى أن تكون في صلب الهندسة التشريعية، باعتبارها ناطقة باسم المواطن ومعبّرة عن حاجاته العادلة.
وتوقّف رئيس جمعية هيئات المحامين بالمغرب، عند النقاش الواسع الذي رافق مشروع قانون المسطرة المدنية، والذي اعتبره لحظة فارقة أظهرت أن المحامين لا يدافعون فقط عن مهنتهم، بل عن حقوق المتقاضين والمواطنين بصفة عامة.
وأوضح أن المواد التي أثارت الجدل لا تتعلق أساسًا بالمحامي، بل تمس جوهر الحق في التقاضي والعدالة، وهو ما يجعل من موقف الجمعية موقفًا دستوريا وحقوقيا، لا فئويا.
واختتم الزياني كلمته بالتأكيد على أن المرحلة تقتضي الانتقال من مجرد التطبيق إلى التشاركية المؤسَّسة في البناء التشريعي، مشددًا على ضرورة تأسيس آليات واضحة ودائمة للشراكة بين جمعية هيئات المحامين والجهات التشريعية.
واعتبر رئيس جمعية هيئات المحامين بالمغرب أن الخيارات الدستورية للمغرب، وفي مقدمتها الخيار الديمقراطي وحقوق الإنسان، لا تحتمل التراجع، وهو ما يجعل من المحامي ضامنًا أساسيًا لأي نص قانوني يحترم الكرامة والحرية والمساواة.