انتقد نواب عن فرق المعارضة، اليوم الأربعاء، ضعف حصيلة وأداء الوكالة المغربية للنجاعة الطاقية، وذلك خلال اجتماع لجنة مراقبة المالية العامة والحكامة حول موضوع: الحكامة المالية لتدبير الوكالة المغربية للنجاعة الطاقية ومنجزاتها وبرامج عملها المستقبلية، بحضور ليلى بنعلي، وزيرة الانتقال والتنمية المستدامة.
وفي هذا السياق، قال عمر اعنان، النائب البرلماني عن الفريق الاشتراكي – المعارضة الاتحادية، إن فريقه يعتبر أن “قضية النجاعة الطاقية ليست ترفاً تقنياً، بل خياراً استراتيجياً لا محيد عنه لتحقيق الأمن الطاقي، والعدالة المناخية، والتنمية المستدامة”، مستدركا “غير أننا نلاحظ، بكل أسف، أن الأداء العام للوكالة المغربية للنجاعة الطاقية لا يرقى بعد إلى مستوى الطموحات الوطنية، إذ نسجل تأخراً في تنزيل استراتيجيات مهيكلة، وضعفاً في تفعيل خطط تدخل مبتكرة، وعدم وضوح في تقييم النتائج المحققة، سواء على مستوى تقليص الاستهلاك الطاقي، أو توسيع الولوج إلى خدمات طاقية نظيفة وفعالة”.
وتابع اعنان، في كلمته باسم الفريق الاشتراكي، أن سؤال الحكامة المالية للوكالة يطرح “إشكاليات حقيقية، تهم تدبير الموارد المالية، والتقائية البرامج، ونسبة الإنجاز مقارنة بالأهداف المسطرة، ناهيك عن الغموض الذي يكتنف علاقات الشراكة مع الفاعلين العموميين والخواص، وغياب المحاسبة والشفافية”.
وتساءل اعنان عن مدى التقدم في تنفيذ البرامج الوطنية للنجاعة الطاقية، خاصة في مجالات النقل، والإسكان، والصناعة، وحصيلة الحكامة المالية للوكالة خلال السنوات الأخيرة، وهل تم أخذ توصيات المجلس الأعلى للحسابات بعين الاعتبار؟ والتدابير المتخذة لتعزيز الشفافية والتقييم المستقل لبرامج الوكالة؟ وكيفية ضمان العدالة المجالية في توزيع مشاريع النجاعة الطاقية، خاصة في المناطق المهمشة؟ وخطة العمل المستقبلية للوكالة، في ظل السياق الدولي الجديد، وانعكاسات التحول الطاقي العالمي؟”.
من جهتها، تساءلت نادية تهامي، النائبة البرلمانية عن فريق التقدم والاشتراكية، عن حصيلة وجود هذه الوكالة في البناء المؤسساتي الذي يؤطر إنتاج واستهلاك الطاقة في بلادنا”، متأسفة “للمعيقات التي تحُولُ دون تحقيقكم لكل الطموحات التي تشغل البال، وفي مقدمتها طبعا ما يتعلق بالموارد البشرية والإمكانيات المالية التي لا تساعد تماما في الرفع من نتائجكم”.
ودعت باسم فريق التقدم والاشتراكية إلى “تعزيز الموارد البشرية لهذه الوكالة المغربية للنجاعة الطاقية”، مفيدة أنها “انطلقت بـ121 موظفا، وفقدت خلال الفترة التي تفصلنا عن تاريخ الإحداث، أي في 2016، خدمات عشرين إطارا، في الوقت التي يُفترض فيه أن تتعزز إمكانيتها البشرية”.
وأوردت أن الوكالة المغربية للنجاعة الطاقية مُطالبة “ببذل مزيد من الجهود لتجاوز السقف الذي تشتغل تحته اليوم، وأغلبه ينصب على التوعية والتحسيس، والحال أن الأمر يتطلب صياغة برامج طموحة تساهم في تغيير علاقة المغاربة بالطاقة، وإذا ما تطلب الأمر إصلاحا تشريعيا في سبيل هذا المسعى، فنحن هنا من أجل توسيع صلاحيات هذه الوكالة”.
وعبرت عن أمل فريق “الكتاب” أن “نرى لمسات الوكالة المغربية للنجاعة الطاقية في كل مناحي حياتنا، في الصناعة، في الفلاحة، في البناء، في الإدارات، في الفضاءات العامة، وبالأخص في بيوتنا بعد أن أصبحت الكثير من الأسر المغربية تتعامل الكثيرُ منها مع الطاقة ببعد ترفيهي في تغييبٍ للعناصر البيئية التي تم هدرها من أجل إنتاجها، وهو ما يشكل مساسا بحقوق الأجيال اللاحقة على الأرض..”.
وتساءلت تهامي “عن السبب الذي يمنع اليوم الوكالة المغربية للنجاعة الطاقية عن دق ناقوس الخطر في ظل الاستغلال الفاحش والمبالغ فيه للمقدرات الإيكولوجية لإنتاج موارد طاقية يمكن الحصول عليها بطرق أقل تكلفة وأرحم بالبيئة وبالإنسان”.
وأضافت “أليس من واجب الوكالة المغربية للنجاعة الطاقية أن تدخل اليوم غمار البحث العلمي في الجامعات والكليات، وأن تدخل في الشراكات العلمية من أجل تطوير تقنيات توفر علينا جهد إنتاج الطاقة، وابتكار طرق لاقتصاد استعمالها، وتخفيف فاتورتها، وتحد من هدرها فيما لا يعود بالنفع، وتوجيهها لخدمة الإنسان وتحقيق سعادته”.
ومن جهتها، أكدت سكينة لحموش، في مداخلة باسم الفريق الحركي، أن المسار الطموح لبلادنا في المجال الطاقي “لا يخلو من تعثرات وإكراهات، وهو ما نسجله كفريق حركي بكل موضوعية ومسؤولية”، مشيرة في هذا الصدد إلى محدودية النتائج، إذ “رغم مرور أزيد من عشر سنوات، لا تزال المنجزات دون التوقعات، إذ حسب تقرير المجلس الأعلى للحسابات، يبقى احتساب اقتصاد استهلاك الطاقة صعباً في ظل غياب معطيات دقيقة وموثوقة، حيث لم تتجاوز نسبة الاقتصاد المحققة 5.8% سنة 2020”.
ولفتت إلى أن الوكالة عرفت نزيفاً واضحاً في الموارد البشرية، حيث انخفض عدد المستخدمين من 121 سنة 2016 إلى 101 سنة 2024، أي بنسبة تراجع بلغت 16.5%، مشيرة إلى أنه “بالإضافة إلى محدودية المنجزات تظل مسألة تداخل الاختصاصات وتعدد المتدخلين إحدى الإشكالات البارزة في هذا القطاع، حيث تتقاسم كل من الوكالة المغربية للنجاعة الطاقية وشركة الهندسة الطاقية، فضلاً عن جهات أخرى، أدواراً ومهاماً متقاربة، مما يؤدي إلى إضعاف التنسيق والتكامل، ويحول دون تحقيق النجاعة المطلوبة لتنزيل الاستراتيجية الوطنية في هذا المجال، كما نبه إلى ذلك بوضوح تقرير المجلس الأعلى للحسابات”.
وسجلت لحموش التوجه لتوسيع الاختصاصات رغم الحصيلة المتواضعة، مفيدة أنه “رغم كل هذه الإكراهات المسجلة، جاء في العرض أن هناك مشروع قانون يرمي إلى توسيع اختصاصات الوكالة، لتشمل مهام جديدة من قبيل إزالة الكربون من مختلف قطاعات الاقتصاد الوطني وتعزيز الاقتصاد الدائري”.
وتابعت النائية عن فريق “السنبلة”، إنه “وإن كنا لا نعترض على وجاهته من حيث المبدأ، إلا أنه يثير تساؤلات مشروعة حول مدى قدرة الوكالة، في ظل حصيلتها الحالية المحدودة، على مواكبة هذه المهام الجديدة والطموحة، خاصة في ظل ما تشهده من صعوبات ترتبط بضعف النتائج الميدانية، ونزيف الموارد البشرية، وتداخل الاختصاصات مع فاعلين آخرين”.