كشف وزير العدل عبد اللطيف وهبي، اليوم الثلاثاء بمجلس المستشارين، أن التعديلات الواردة على مشروع قانون رقم 02.23 المتعلق بالمسطرة المدنية، مؤكدا أنها تعتبر أنها من أهم الضمانات القضائية لحماية الحقوق والحريات وتحسين جودة الخدمة القضائية.
وأفاد الوزير بمناسبة التصويت في الجلسة العامة بمجلس المستشارين، أن هذا المشروع يأتي تنفيذا للتوجيهات الملكية ويعمل على “ترجمة اختيارات الدستور الواردة في باب السلطة القضائية فيما يتعلق بحماية حقوق المتقاضين وقواعد سير العدالة، ويواكب القوانين الاجرائية المقارنة، ويتلائم مع المواثيق الدولية ذات الصلة، وكذا توصيات النموذج التنموي الجديد، ولاسيما تلك التي تؤكد على أهمية تحسين أداء المحاكم، والتقليص من بطء العدالة بالانتقال من محكمة تقليدية إلى محكمة إلكترونية، وتحسين آليات التنسيق بين الفاعلين والمتدخلين في منظومة العدالة”.
ولفت إلى أن التعديلات المقدمة بمجلس المستشارين بلغت 549 تعديلا، تتوزع كما يلي: “فرق الأغلبية 170 تعديلا، والفريق الحركي 245 تعديلا، والفريق الاشتراكي 34 تعديلا، والاتحاد المغربي للشغل 59 تعديلا، ومجموعة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل 20 تعديلا، وممثلا الاتحاد الوطني للشغل 21 تعديلا”، مؤكدا أنه “تم قبول حوالي 181 تعديلا، وذلك بقصد إغناء نص المشروع وتجويد صياغته التشريعية بما يخدم مصلحة العدالة ويحقق الأمن القانوني”.
وتتمثل أهم التعديلات الجوهرية التي تم ادخالها على هذا المشروع في “حذف المقتضيات المتعلقة بالتغريم بقصد ضمان تمتع المتقاضين بحق الولوج الى العدالة وكفالة اللجوء إلى القضاء وفق إرادة المشرع الدستوري في المواد المتعلقة برفع الدعاوى وتقديم الدفوع ومسطرة التجريح القضاة”.
كما أشار إلى أنه تم “إعادة النظر في قواعد عدم الاختصاص النوعي بالتنصيص على وجوب بت المحكمة أو القسم المتخصص بحكم مستقل في الدفع بعدم الاختصاص النوعي. مع امكانية استئنافه خلال أجل عشرة أيام (10) من تاريخ التبليغ به. وإذا بتت محكمة الدرجة الثانية في الاختصاص أحالت الملف تلقائيا على المحكمة المختصة، على أنه لا يقبل قرار محكمة الدرجة الثانية أي طعن عاديا كان أو غير عادي، مع عدم جواز إثارة الدفع بعدم الاختصاص النوعي لأول أمام محكمة النقض”.
وأورد أنه تمت “مراجعة معيار الاختصاص القيمي للمحاكم الابتدائية بالنظر ابتدائيا وانتهائيا إلى غاية عشرة آلاف (10.000) درهم، وابتدائيا، مع حفظ حق الاستئناف، في جميع الطلبات التي تتجاوز عشرة آلاف (10.000) درهم، وذلك حتى لا يتم حرمان فئات عريضة من المتقاضين من الحق في الطعن بالاستئناف”.
وأوضح وهبي أنه تم “التنصيص على أن القسم المتخصص في القضاء التجاري بمحكمة الاستئناف، التي لا توجد محكمة استئناف تجارية في دائرة نفوذها، يختص بالبت في استئناف أحكام المحاكم الابتدائية التجارية، وأن القسم المتخصص في القضاء الادري بمحكمة الاستئناف، التي لا توجد محكمة استئناف ادارية في دائرة نفوذها، يختص بالبت في استئناف أحكام المحاكم الابتدائية الادارية”.
وأفاد وهبي أن التعديلات همت كذلك “تقوية الدور الايجابي للقاضي في إدارة الدعوى المدنية وتسييرها، بحيث تضمن المشروع مجموعة من مقتضيات التي خول من خلالها إعطاء القاضي آليات إجرائية لإظهار الحقيقة وتسهيل مهمة الفصل في الدعوى، وهو أمر لا يتنافى مع مبدأ حياد القاضي وعدم تحيزه للخصوم، ومن ذلك: إلزام المحكمة بإنذار الأطراف بتصحيح المسطرة. وتكليفهم للإدلاء بالمستندات التي يعتمدونها وبتدارك البيانات غير التامة أو التي وقع إغفالها، واجراء تحقيق في الدعوى والامر بالحضور الشخصي للأطراف”.
كما أتاحت التعديلات، حسب وزير العدل، “إمكانية تقديم مقال الطعن لمن تضرر من حكم قضائي بأي صندوق من صناديق المحاكم على أن يتم إرساله من طرف رئيس كتابة الضبط فورا إلى المحكمة المختصة، وذلك من أجل التكريس الفعال لمبدأ حق التقاضي مضمون لكل شخص للدفاع عن حقوقه وعن مصالحه التي يحميها القانون المادتين 214 و351”.
وأشار إلى أنه “تم تخفيض قيمة الاختصاص بالنسبة الأحكام غير القابلة للطعن بالنقض بحيث حدد سقفه في الطلبات التي لا تتجاوز قيمتها ثلاثين ألف (30.000) درهم وذلك من اجل ضمان تمتيع المتقاضين بحق الطعن بالنقض من اجل مراقبة حسن تطبيق القانون”.
وأكد أنه تم “تعزيز حق الدفاع ، ذلك أن المشروع أكد على دور المحامي على مستوى تمثيل الأطراف أمام القضاء حتى في حالة الدعاوى التي تطبق فيها المسطرة الشفوية، فعزز من ضمانات الدفاع ومركز المحامي في الدعوى المدنية باعتبار مكانته الاعتبارية تحت سيادة القانون وسلطة القضاء، فأصبح صلة وصل بين القضاء والمتقاضي”.
وفي السياق نفسه أورد وهي أن المشروع اعتبر أن “إجراءات التحقيق في الدعوى من خبرة ومعاينة وأداء اليمين لا تتم بشكل قانوني إلا بحضور المحامي أو بعد استدعائه بصفة قانونية، كما أنه وإن اعتبر مكتبه موطنا للمخابرة معه، وتبلغ إليه الإجراءات القضائية المتخذة من طرف المحكمة، إلا أنه استثنى تلك التي تستلزم تحملات مالية إلا في حالة وجود اتفاق كتابي بين المحامي والمتقاضي”.
وشدد وهبي على أن “هذا المشروع الجديد لقانون المسطرة المدنية يشكل حجر الزاوية لباقي القوانين الإجرائية، والمدخل الاساسي لاستيفاء الحق الموضوعي، ويكون بذلك من أهم الضمانات القضائية لحماية الحقوق والحريات وتحسين جودة الخدمة القضائية في ضوء التحول الرقمي لمنظومة العدالة لجعل القضاء في خدمة المواطن، وتوفير شروط المحاكمة العادلة والمنصفة داخل اجال معقولة. مما يساهم في توطيد دعائم عدالة حامية في مجال المسألة الحقوقية باعتبارها معطى ثابت في السياسات العامة”.