في تحول دبلوماسي يعكس نجاحات المغرب المتواصلة في ملف الصحراء، أعلنت كينيا دعمها الصريح لمخطط الحكم الذاتي، واصفة إياه بـ”المقاربة المستدامة الوحيدة” لتسوية النزاع، وذلك في سياق تراجع ملحوظ في نفوذ الجزائر داخل القارة الإفريقية، خاصة بشرقها، إذ كانت كينيا تُعد سابقًا من بين شركائها التقليديين.
واعتبرت جمهورية كينيا المخطط المغربي للحكم الذاتي بمثابة المقاربة المستدامة الوحيدة لتسوية قضية الصحراء، مشيدة بالتوافق الدولي المتزايد والدينامية التي يقودها الملك محمد السادس الداعمة لهذا المخطط.
وعبرت جمهورية كينيا عن هذا الموقف، في بيان مشترك صدر عقب لقاء جرى، الاثنين بالرباط، بين وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، والوزير الأول، وزير الشؤون الخارجية وشؤون المغتربين بجمهورية كينيا، موساليا مودافادي.
الباحث في العلوم السياسية والعلاقات الدولية، عبد العالي سرحان، اعتبر أن التصريح الأخير لجمهورية كينيا الداعم لمخطط الحكم الذاتي المغربي يشكل تحولًا استراتيجيًا ذا دلالات جيوسياسية عميقة في السياق الإفريقي، وخاصة في توازنات المواقف داخل الاتحاد الإفريقي.
وسجل المتحدث أن كينيا كانت تقليديًا تتبنى موقفًا أقرب إلى الحياد أو حتى الميل الجزئي لصالح الطرح الجزائري في قضية الصحراء المغربية، خصوصًا عندما كانت الجزائر تضغط من خلال شبكاتها الدبلوماسية في شرق إفريقيا.
وأضاف في تصريح لجريدة “مدار21” الإلكترونية، “أما الآن، فإن كينيا تعلن بصراحة ووضوح دعمها للمخطط المغربي، بل وتصفه بأنه الحل الوحيد المستدام”، مما يعني خروجها العملي من دائرة التأرجح والانخراط في الدينامية المؤيدة للوحدة الترابية المغربية”.
وذكر سرحان أن كينيا، التي كانت تُعد تقليديًا من شركاء الجزائر في شرق إفريقيا، لم تعد ترى في الطرح الانفصالي خيارًا قابلًا للحياة، مما يؤكد أن النفوذ الجزائري في القارة، الذي تأسس على دعم الانفصال وتوظيف ملف الصحراء كورقة ضغط، يعرف تراجعًا ملحوظًا أمام دينامية دبلوماسية مغربية أكثر مرونة وتكيفًا.
ويُسهم هذا الموقف، بحسب سرحان، في تقوية محور الدول الإفريقية الداعمة للمخطط المغربي داخل الاتحاد الإفريقي، وإضعاف الأطروحات الانفصالية التي ما زالت بعض الدول تروج لها. ودعم التوجه المغربي القائم على الحلول ودمج القضايا الإقليمية في رؤية تنموية مشتركة، بدل المقاربات الانفصالية.
وتوقع أن يدفع موقف كينيا دولًا أخرى في شرق إفريقيا إلى إعادة النظر في مواقفها أو تعميق تنسيقها مع المغرب، كما سجل أن هذا الموقف سيشجع الشركات والمؤسسات التنموية في كينيا على الانخراط في مشاريع مغربية، خاصة في مجالات المياه، الفلاحة، والبنية التحتية وهو ما يُعزز التحالف المغربي، الكيني في مواجهة المحاور المتنافسة بالقارة.
وخلص إلى أن الموقف الكيني يمثل نجاحًا دبلوماسيًا مغربيًا كبيرًا، يعكس فعالية الرؤية الملكية في إفريقيا، ويؤكد أن مخطط الحكم الذاتي يكتسب شرعية متنامية، حتى من دول كانت تُعد سابقًا في معسكر الخصوم. وهذا التحول يضع الجزائر في وضع أكثر عزلة دبلوماسية، ويقوّي مسار الحل السياسي الواقعي تحت إشراف الأمم المتحدة.