اعتبرت دراسة حديثة أن نيل المغرب فرصة تنظيم كأس العالم 2030 بشكل مشترك مع دولتي إسبانيا والبرتغال يتيح إمكانية بناء تعاون إقليمي مبكر بين قارتي أوروبا وإفريقيا، مبرزة أن إنشاء محور جيو-سياسي هيكلي بين أوروبا وإفريقيا على طول سواحل المحيط الأطلسي أصبح الآن ضرورة استراتيجية.
الدراسة التي نشرها، مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد، أوضحت أن المشاركة في استضافة كأس العالم 2030، ستمهد الطريق أمام إسبانيا والمغرب والبرتغال من أجل تعاون إقليمي مبتكر وغير مسبوق بين أوروبا وإفريقيا، مشددة على أن هذا “التعاون الصغير” يستحق أن يكون جزءا من نطاق أكبر ومبتكر يضخم الروابط بين القارتين لبناء ما يمكن تسميته “مجتمع شرق الأطلسي” (EAC).
وأحالت الورقة البحثية، التي اطلعت عليها جريدة “مدار21” الإلكترونية، على السياق العالمي الجديد الذي فرضته التحولات الجيو-سياسية بالإشارة إلى تشكل وجه جديد للعالم وللتعاون في أماكن أخرى من العالم غير أوروبا وإفريقيا، خاصة في غرب المحيط الأطلسي بين الولايات المتحدة وكندا والمكسيك.
واستدركت الدراسة لصاحبيها، جمال مشروح وفلورانت بامرمنتييه، أن إنشاء محور جيوسياسي هيكلي بين أوروبا وإفريقيا على طول سواحل المحيط الأطلسي، أصبح الآن ضرورة استراتيجية، لافتةً إلى أن هذا المحور سيشمل وفقا للمعيار الجغرافي، الدول الساحلية الإفريقية والأوروبية في المحيط الأطلسي من جنوب إفريقيا إلى المغرب، وكذلك من البرتغال إلى شمال أوروبا.
وتبرز أهمية التعاون الذي تدعو إليه الورقة البحثية في كون منطقة الساحل الإفريقي تقع في عالم مشتت، مبرزاً أن هذه المبادرة ستسمح بإنشاء مجتمع شرق الأطلسي لأعضائه لمواجهة التحديات التي تواجهه ويستثمر فرص التنمية الفريدة.
وفي إفريقيا الأطلسية، تضيف الدراسة ذاتها أن العديد من الموانئ تلعب دورا استراتيجيا في التنمية الاقتصادية للمنطقة، لاغوس في نيجيريا، أو أبيدجان في كوت ديفوار، أو تيما في غانا، ولكن من وجهة نظر عالمية، ما تزال المنطقة تعاني من العديد من التحديات وفي مقدمتها طرق الشحن غير الآمنة، وازدحام الموانئ، والافتقار إلى البنية التحتية الحديثة بالإضافة إلى تحدي القرصنة وضعف الربط البري بالمناطق النائية الشيء الذي يعيق إمكانات التنمية للدول الساحلية وتقلل من قدرتها التنافسية في السوق العالمية.
وفي هذا الصدد، أوردت الدراسة ذاتها أنه لابد من ربط الموانئ والتكامل البحري من خلال الاستفادة من الخبرة التقنية والتمويل الأوروبي لتحديث الهياكل الأساسية البحرية وتعزيز قدرته اللوجستية ودوره في التجارة الدولية وتعزيز الأمن البحري في مناطق استراتيجية مثل خليج غينيا من خلال زيادة التعاون بين القوات البحرية الوطنية للقارتين، بدعم من منظمات إقليمية مثل الاتحاد الأوروبي والاتحاد الإفريقي.
وعن مؤهلات التي تتوفر عليها هذه الدول، أشارت الدراسة ذاتها إلى أن هذه المناطق تتمتع بإمكانيات اقتصادية كبيرة من سكان شباب وطبقة وسطى متنامية ومنطقة تجارة حرة طموحة (AfCFTA) بالإضافة إلى كونها تمثل سوقا واعدا للشركات الأوروبية.
وتابعت الورقة البحثية ذاتها أن منطقة الساحل الإفريقي شرق المتوسط تعرف زيادة في حركة التصنيع والحاجة إلى البنية التحتية الحديثة ومشاريع الابتكار في التقنيات الرقمية والخضراء ما يشكل فرصاً لا تقدر بثمن، مؤكدةً أنه من شأن تعزيز علاقات أوروبا الاقتصادية مع أفريقيا أن يسمح لها بالوصول إلى الأسواق المتنامية مع تنويع سلاسل التوريد من خلال التعاون الدولي.