أكد وزير الصحة والحماية الاجتماعية، أمين التهراوي، اليوم الاثنين، أن السياسة الدوائية الوطنية تشكل أحد الركائز الأساسية في إصلاح المنظومة الصحية الوطنية، مفيدا أن هذه السياسة تنبني على عدة محاور استراتيجية.
وأورد التهراوي، خلال جلسة الأسئلة الشفهية بمجلس النواب، أن من بين هذه المحاور إحداث الوكالة المغربية للأدوية والمنتجات الصحية التي أصبحت عملية بشكل رسمي بعد تعيين مديرها العام من طرف الملك محمد السادس، والتي سيكون لها دور قيادي في تطوير وتنظيم القطاع الدوائي من خلال تحسين إجراءات تراخيص التسويق والمراقبة وإشراك كافة المتدخلين من القطاع العام والخاص وتعزيز السيادة الدوائية وتعزيز الابتكار الصناعي الوطني.
ولفت التهراوي إلى أن إصلاح نظام تسعير الأدوية يمثل محورا جوهريا، حيث تم إطلاق مسار مراجعة عميقة لهذا النظام سعيا لتحقيق التوازن بين القدرة الشرائية للمواطن من جهة، وتحفيز ولوج الأدوية المبتكرة وضمان استدامة التغطية الصحية.
وأفاد المسؤول الحكومي أنه يجري حاليا بلورة تصور جديد لتسعير الأدوية في إطار التشاور مع كافة الأطراف المعنية من أجل اعتماد تسعيرة عادلة وشفافة تضمن الإنصاف وتستند إلى مرجعيات دولية مع مراعاة الخصوصية الوطنية.
ووفق تفاصيل جواب الوزير، التي اطلعت عليها جريدة “مدار21″، يتم “إعداد مشروع مرسوم لإعادة النظر في منظومة تحديد سعر بيع الأدوية بلغ مراحل متقدمة وسيُعرض قريبًا على مسطرة المصادقة. ويهدف هذا المشروع إلى ترشيد نفقات التأمين الصحي عبر تركيز آليات التقنين على الأدوية المعوض عنها أو ذات النجاعة العلاجية المثبتة، مع وضع آليات لخفض الأسعار وضمان ولوج منصف ومستدام للأدوية من خلال تقليص الكلفة المباشرة على الأسر وتعزيز الأمن الدوائي”.
من جهة أخرى، أشار التهراوي إلى أنه تم اعتماد سياسة رقمية متقدمة “لتسريع وتبسيط مساطر منح تراخيص التسويق، مما يساهم في تقليص آجال المعالجة وتعزيز الشفافية. علاوة على ذلك، يتم العمل على آليات الاعتراف المتبادل مع المؤسسات التنظيمية الدولية، بما يسمح بالاستفادة من تقييمات علمية خارجية ذات مصداقية، دون الإخلال بمتطلبات السلامة والفعالية والجودة”.
وأشار التهراوي إلى أن الوزارة تشتغل مع الوكالة المغربية للأدوية والمنتجات الصحية على تغيير مقتضيات المرسوم المتعلق بالإذن بعرض الأدوية المعدة للاستعمال البشري في السوق. ويُعتبر هذا الورش الإصلاحي آلية أساسية لتطوير المنظومة الدوائية، إذ ينص على رقمنة الإجراءات وتقليص آجال منح التراخيص بما يعزز سرعة الاستجابة وشفافية المساطر.
إلى ذلك، أكد الوزير أن الوزارة منكبة، بشراكة مع القطاعات الحكومية والمؤسسات العمومية والهيئات المهنية المعنية، على بلورة تصور شامل لإعادة النظر في مدونة الأدوية والصيدلة، وذلك بهدف تحيينها وملاءمتها مع التحولات العميقة للمنظومة الصحية الوطنية، بما يعزز متطلبات السيادة الدوائية ويضمن تناغمًا بين الإطار التشريعي والممارسات الفعلية.
وأوضح التهراوي أن الوزارة، بالتعاون مع وكالة الأدوية، بصدد التفكير في إنشاء مرصد للأدوية. ويهدف هذا المرصد إلى التعاطي باستباقية مع كل المشاكل المرتبطة بمجالات إنتاج، استيراد، تخزين، وتوفير الأدوية، مما سيعزز الأمن الدوائي للمملكة ويضمن استمرارية توفر الأدوية للمواطنين.
تجدر الإشارة إلى أن الوكالة المغربية للأدوية والمنتجات الصحية، التي تم إحداثها بموجب القانون رقم 10.22 الصادر بتاريخ 12 يوليوز 2023، وتخضع لوصاية وزارة الصحة والحماية الاجتماعية، دخلت حيز التفعيل بشكل رسمي بعد تعيين مديرها العام، ثم عقد أول مجلس إداري تمت فيه المصادقة على الميزانية، وتوقيع النظام الأساسي لمستخدمي الوكالة، وأخيرًا المصادقة الحكومية على مشروع مرسوم لضمان استمرارية صرف الأجور والتعويضات من الميزانية العامة.
وبهذا، تضطلع الوكالة بدور قيادي في تنظيم وتطوير القطاع الدوائي، إذ تقود الإصلاحات القانونية والتنظيمية، وتضبط تراخيص التسويق والمراقبة، وتُشرك كافة المتدخلين من القطاعين العام والخاص، فضلًا عن مساهمتها في تحقيق السيادة الدوائية وتعزيز الابتكار الصناعي الوطني.