نواكشوط مطالبة بضبط تحرِّك المنقبين واحترام السيادة المغربية

تثير قضية تواجد المنقبين الموريتانيين في المنطقة العازلة شرق الجدار الأمني بالصحراء المغربية جدلاً قانونيًا وسياسيًا متصاعدًا، لما تحمله من دلالات تمس بسيادة المملكة المغربية وأمنها القومي، ولما تنطوي عليه من تبعات محتملة على العلاقات الثنائية بين الرباط ونواكشوط.

وفي هذا السياق، قدّم محمد الطيار، الخبير الإستراتيجي ورئيس المرصد الوطني للدراسات الاستراتيجية، قراءة تحليلية معمقة تناول فيها الأبعاد القانونية والسياسية لهذه الظاهرة، محذرًا من تداعياتها ومبرزًا الأطر القانونية الناظمة للوضع القائم.

وأوضح الطيار في مستهل تحليله أن المنطقة العازلة ليست مجالًا منزوعة السيادة كما قد يتوهم البعض، بل هي جزء لا يتجزأ من التراب المغربي، وتخضع فقط لقيود مؤقتة على الأنشطة العسكرية، تم الاتفاق عليها ضمن اتفاق وقف إطلاق النار لسنة 1991 تحت إشراف الأمم المتحدة.

ويؤكد أن أي نشاط مدني أو عسكري غير مرخص داخل هذه المنطقة يُعد، من منظور القانون الدولي، انتهاكًا لسيادة المغرب، مشيرًا إلى أن بعثة “المينورسو” تقتصر مهمتها على المراقبة التقنية دون أي تفويض سيادي.

وفي قراءته لواقع تسلل المنقبين الموريتانيين، يشدد الطيار على أن هذا التواجد يشكل خرقًا واضحًا للقانون، وخطرًا مباشرًا على الأفراد المتسللين أنفسهم، لما تنطوي عليه المنطقة من طابع عسكري حساس.

كما أن هذا التسلل، وإن اتخذ طابعًا مدنيًا وعفويًا في الظاهر، قد يكون واجهة لأغراض أخرى غير مشروعة، مما يعقد الوضع الأمني ويهدد الاستقرار في محيط ملتهب. ويضيف أن غياب أي غطاء رسمي من طرفي الحدود يُفقد هذه التحركات أية شرعية قانونية أو سياسية.

وإذا كان الموقف الموريتاني الرسمي قد أبدى التزامًا مبدئيًا باحترام السيادة المغربية، من خلال التحذيرات الصادرة عن سلطات ولاية “تيرس زمور” وتوصيات شركة “معادن موريتانيا” بالاقتصار على التنقيب داخل الحدود الوطنية، فإن الطيار يرى في ذلك موقفًا إيجابيًا بحاجة إلى ترجمة عملية.

ويقترح في هذا السياق مجموعة من الإجراءات من شأنها دعم هذا التوجه، مثل إصدار بيان رسمي يؤكد احترام الحدود، وتفعيل التنسيق الأمني والدبلوماسي المباشر مع الجانب المغربي، وتعزيز المراقبة على المعابر الحدودية، وتجريم التسلل، ومكافحة التنقيب العشوائي، إلى جانب إشراك الزعامات المحلية والدينية في جهود التوعية.

أما على الجانب المغربي، فيؤكد الطيار أن أي تحرك ميداني لوقف التسللات، سواء عبر الدوريات البرية أو باستخدام الوسائل التكنولوجية المتقدمة كالمُسيّرات، يندرج ضمن حق المغرب المشروع في الدفاع عن وحدته الترابية، استنادًا إلى المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة، والتي تخول للدول الأعضاء الدفاع عن نفسها ضد التهديدات.

ويشدد على ضرورة أن تكون هذه التحركات منضبطة لمبدأ التناسب واحترام المعايير القانونية الدولية، بما يعزز مشروعية الرد المغربي على هذه الظاهرة.

وفي ختام تحليله، خلص محمد الطيار إلى أن استمرار تسلل المنقبين إلى شرق الجدار الأمني بالصحراء المغربية يمثل معضلة قانونية وأمنية معقدة، تستدعي تعاونا إقليميًا مكثفًا، وتضامنا صريحًا في المواقف والقرارات، حفاظًا على استقرار المنطقة وتعزيزًا لقواعد القانون الدولي.

عن أسيل الشهواني

Check Also

بوريطة يمثل الملك في حفل تنصيب رئيس الإكوادور

مثل وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، الملك محمد السادس، في …

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *