في ظل صمت غير مفهوم من وزارة الخارجية المغربية، أثارت واقعة استهداف قوات الاحتلال الإسرائيلي لوفد دبلوماسي في مخيم جنين، شمالي الضفة الغربية، ردود فعل أوروبية غاضبة، فيما التزم المغرب، ممثلاً بوزيره ناصر بوريطة، الصمت حتى لحظة كتابة هذه الأسطر، رغم تواجد السفير المغربي عبد الرحيم مزيان ضمن الوفد المستهدف.
الاعتداء، الذي وقع يوم الأربعاء، استهدف وفدًا دبلوماسيًا يضم 25 سفيرًا وقنصلاً من دول أوروبية وعربية، إلى جانب ممثلين عن الاتحاد الأوروبي ووكالة الأونروا، أثناء زيارة رسمية نظمّتها وزارة الخارجية الفلسطينية للاطلاع على الأوضاع الميدانية في مخيم جنين، والذي يتعرض منذ شهور لعمليات عسكرية متواصلة من قبل الجيش الإسرائيلي.
رصاص مباشر وانسحاب فوري
بحسب ما أوردته قناة الجزيرة، فإن جنديين إسرائيليين تقدما صوب الوفد فور وصوله محيط المخيم، وأطلقا النار مباشرة دون سابق إنذار، ما تسبب في حالة من الذعر بين الدبلوماسيين ودفعهم إلى إنهاء الزيارة بشكل فوري والانسحاب من الموقع.
ورغم خطورة الواقعة، لم يصدر حتى الآن أي تصريح أو توضيح من الجانب المغربي، وهو ما أثار تساؤلات حول الصمت المغربي إزاء استهداف ممثلها الدبلوماسي ضمن هذا الحادث.
عواصم أوروبية تستدعي السفراء
وفي المقابل، توالت ردود الفعل الأوروبية المنددة بالحادثة، حيث استدعت كل من إيطاليا، فرنسا، إسبانيا، البرتغال، والدنمارك سفراء إسرائيل لديها، مطالبة بتوضيحات فورية بشأن ما وصفته بـ”الاعتداء غير المقبول”.
وقال وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني إنه وجّه استدعاء للسفير الإسرائيلي في روما للحصول على تفسيرات رسمية، معتبرًا تهديد الدبلوماسيين أمرًا غير مقبول.
وأعلنت الخارجية الفرنسية أن ما حدث يتنافى مع الأعراف الدولية، مؤكدة وجود دبلوماسيين فرنسيين ضمن الوفد.
أما الخارجية الإسبانية فوصفت الحادثة بانتهاك واضح لالتزامات إسرائيل كقوة احتلال، في حين عبّر وزراء خارجية كل من بلجيكا، أيرلندا، فنلندا، وألمانيا عن صدمتهم، وأكدوا ضرورة محاسبة المسؤولين عن هذا الفعل.
تبريرات إسرائيلية
في محاولة للتنصل من المسؤولية، زعم الجيش الإسرائيلي أن الوفد “انحرف عن مساره” ودخل منطقة محظورة داخل المخيم.
وأشار إلى أن الجنود أطلقوا “طلقات تحذيرية” دون إصابات، مضيف في البيان أن الجيش “يأسف للإزعاج الذي تسببت به الحادثة”، في تعبير اعتبره مراقبون تقليلاً من شأن الاعتداء.
صمت مغربي
وسط هذا السيل من الإدانات الدولية، يبقى الصمت المغربي محل استغراب، خاصة مع مشاركة سفير المملكة في زيارة رسمية تعرض فيها دبلوماسيون لإطلاق نار مباشر.
ويُطرح سؤال ملحّ في الأوساط السياسية والإعلامية عن سبب عدم إصدار الخارجية المغربية أي موقف حتى الآن، وهل يعكس هذا الصمت ترددًا دبلوماسيًا أم تحفظًا استراتيجيًا في التعامل مع إسرائيل؟