رجح أستاذ الدراسات السياسية والدولية بجامعة محمد الخامس بالرباط، عبد الرحيم منار اسليمي، أن يكون الاتحاد الاشتراكي انسحب من التنسيق مع المعارضة فيما يتعلق بمبادرة تقديم ملتمس الرقابة، بعدما أعاد التفكير في تحالفاته الحالية، واكتشف أنها تختلف جذريًا عن تلك التي رافقته في ملتمس الرقابة الشهير خلال تسعينات القرن الماضي.
ولفت المحلل السياسي، خلال حلوله ضيفا على برنامج “مع يوسف بلهيسي” الذي يبث على منصات جريدة “مدار21” الإلكترونية، إلى أنه اليوم، لم يتبقَ إلى جانب الاتحاد الاشتراكي من أحزاب ملتمس التسعينيات سوى حزب التقدم والاشتراكية، الذي تفصله عنه أيضًا مسافة سياسية واضحة حاليا، حسب تعبيره.
وفي تفسير آخر لأسباب انسحاب “الوردة”، أشار اسليمي إلى أن الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي، إدريس لشكر، هو “حليف احتياطي لحزب التجمع الوطني للأحرار”، مشددًا على ضرورة الاعتراف بذلك بوضوح. وقال: “أنا من المدافعين عن لشكر ومساره داخل الحزب، لكنه يبدو فعلًا حليفًا للأحرار، وكان مرشحًا ليكون ضمن الأغلبية الحكومية الحالية”.
وأبرز اسليمي أن لشكر سياسي محنّك، وصعب المراس في التفاوض، ويضع نصب عينيه رهان انتخابات 2026، معتبرًا أن هذا ما يفسّر انسحاب حزبه من دعم ملتمس الرقابة. وأضاف: “لشكر يمكنه أن يهدم الحكومة بأكملها لو أراد”، في إشارة إلى قوته التفاوضية.
وفي سياق تقييمه لقرار المعارضة، قال اسليمي خلال أجوبته عن أسئلة بلهيسي إن توقيف التنسيق حول مبادرة ملتمس الرقابة كان خطأً سياسيًا كبيرًا، لأن البلاد كانت بحاجة إلى دفعة قوية لتحريك الرأي العام وتنبيهه إلى أهمية الاستحقاقات الانتخابية المقبلة.
واعتبر أن استمرار الوضع السياسي على ما هو عليه اليوم، ينذر بمعدلات مشاركة كارثية في انتخابات 2026، مشددًا على أن ملتمس الرقابة لا يعني بالضرورة إسقاط الحكومة، لأنها تتوفر على أغلبيتها، لكنه كان سيمثل لحظة دستورية فارقة. وكان من الممكن للمعارضة أن تخرج للرأي العام بمرافعتها السياسية، ثم ترد الحكومة عليها، ما كان سيخلق نقاشًا وطنيًا واسعًا.
وأشار أستاذ الدراسات السياسية والدولية بجامعة محمد الخامس بالرباط، إلى أن ملتمس الرقابة في تسعينات القرن الماضي أدى إلى نقاش سياسي مهم، انتبه له المغاربة، وكان من الممكن أن يتكرر الأمر اليوم. لكنه اعتبر أن المعارضة أخطأت توقيت اللحظة السياسية، وفشلت في استغلال هذا الحق الدستوري بالشكل الذي كان سيمنحها قوة معنوية في أفق انتخابات 2026.
وختم اسليمي بالقول إن ما وقع (توقيف الاتحاد الاشتراكي للتنسيق مع أحزاب المعارضة بخصوص ملتمس الرقابة) يعكس وجود مفاوضات كواليسية حضرت فيها الانتخابات المقبلة بقوة، في ظل غياب الاتحاد الاشتراكي عن الحكومة لسنوات طويلة، مما يجعله يفكر ويخطط للعودة إليها.