أكدَّ المجلس الوطني لحزب الاستقلال التزامه الراسخ بمواصلة إنجاح العمل الحكومي، بروح من التضامن والتعاون والتكامل، وفي إطار الحرص على استمرار الانسجام والتماسك بين مكونات الأغلبية الحكومية، مشددًا على أن مصلحة البلاد تفرض اليوم إنجاح هذه المحطة الهامة، “وأنه ليس من مصلحتنا الانخراطُ المبكرُ في أي سباق أو صراع يُؤثِّر على العمل الحكومي، بما يكون له من وقعٍ سلبي على مسار الإصلاح، وعلى تنفيذ ما تبقَّى من البرنامج الحكومي، وهو ما يُوجب علينا ضرورة بقاء التجانس الحكومي لخدمة المواطنين إلى نهاية الولاية الحكومية”.
ودعا المجلس الوطني للميزان إلى ضرورة تعزيز منظومة القيم بالبلاد، ومواجهة كافة أشكال التفاهة والرداءة والتمييع، كما يؤكد على أهمية تخليق الحياة العامة والممارسة السياسية، وربط المسؤولية بالمحاسبة، واسترجاع الثقة في المؤسسات المنتخبة، وإعادة الاعتبار للعمل الحزبي، وتجديد النخب، وتحرير الطاقات. ويُجدِّد دعوته إلى اعتماد ميثاقٍ أخلاقيٍّ للعمل السياسي بين الأحزاب السياسية، بهدف تجاوز كافة الممارسات التي تُسيء للعمل السياسي النبيل، في أفق تجديد الحقل السياسي، وتقوية الثقة في المؤسسات المنتخبة، وترصيد البناء السياسي والدستوري والمؤسساتي للبلاد.
ودعا، في بلاغ له عقب الدورة العادية الثانية، السبت، بسلا، إلى استثمار التحولات الجيواستراتيجية الدولية الجديدة لفائدة خدمة المصالح الوطنية لبلادنا، وتعزيز موقعها كقوة إقليمية صاعدة، وكوجهة للاستثمار والاستقرار، وكقطب اقتصادي واعد في قطاعات ومِهَن المستقبل: الهيدروجين الأخضر، صناعة البطاريات، السيارات الكهربائية، الأمونياك الأخضر، وكذلك الانخراط الفعّال في المشاريع الاستراتيجية التي أعلن عنها الملك، كمشروع خط أنبوب الغاز المغرب-نيجيريا، والمبادرة الأطلسية التي تستهدف تمكين دول الساحل من الولوج إلى المحيط الأطلسي، وإحداث اندماج حقيقي للمنطقة ككل في ديناميات التحول التي تعرفها باقي البلدان المطلة على الشريط الأطلسي.
وسجَّل الاستقلاليون بـ”ارتياح كبير” حصيلة العمل الحكومي، والجهود التي تبذلها الحكومة، خصوصًا ما يتعلق بإرساء دعائم الدولة الاجتماعية، وفقًا للرؤية الاستراتيجية للملك محمد السادس التي تشكل ثورة اجتماعية حقيقية، وأيضًا فيما يتعلق بتعزيز إنجاز الأوراش الكبرى الاجتماعية والاقتصادية والرياضية بما يضمن تحقيق شروط إقلاع تنموي شامل.
وأكَّد المجلس، انطلاقًا من “رصيده التاريخي والفكري ومرجعيته التعادلية الاقتصادية والاجتماعية، وتجربته الرائدة في تدبير الشأن العمومي”، وباعتباره مكونًا فاعلًا في الأغلبية الحكومية، على العمل على “بذل المزيد من الجهود بما يضمن تحسين الأوضاع المعيشية للمغاربة، وتعزيز حمايتهم الاجتماعية، وقدرتهم الشرائية، وحماية الطبقة الوسطى، وتوفير سبل الارتقاء الاجتماعي، والعمل على توفير مزيد من فرص الشغل، والقضاء على مختلف أشكال الهشاشة الاجتماعية، وتقليص الفوارق المجالية، ومجابهة تحدي الإجهاد المائي، كما يعتز بما تحقق من مكاسب اجتماعية واقتصادية وبيئية في ظل التحديات التي فرضتها التحولات الدولية”.
وأشاد المجلس بالدينامية الاستثمارية التي يعرفها الاقتصاد الوطني بفضل الرؤية الملكية السديدة، والمصداقية التي تحظى بها البلاد، ومناخ الأعمال المحفِّز، وتطوير ميثاق الاستثمار، ويدعو إلى مواصلة التصدي لبعض الممارسات التي تتنافى مع قواعد المنافسة الشريفة، وتحديث قانون حرية الأسعار، بتقوية آليات الشفافية والنزاهة، ومواجهة الاحتكار، والتواطؤات غير المشروعة، وكافة الممارسات التي تُقوِّض مجهودات الحكومة الرامية إلى دعم ومساندة القدرة الشرائية للمواطنات والمواطنين.
وأكد أن قضية الوحدة الترابية تبقى على الدوام ضمن أولويات انشغالات الشعب المغربي، وفي طليعة اهتماماته، مسجِّلًا باعتزاز كبير المكاسب الهامة والعظيمة التي تواصل البلاد تحقيقها بفضل القيادة الحكيمة، والمتبصرة، الحازمة، والواضحة، والمحصنة بالتفاف الشعب المغربي وتعبئته الشاملة، وهي المكاسب التي تُجسِّد تفهُّمًا متناميًا ومتزايدًا من المجتمع الدولي لشرعية الحقوق المغربية، وما يُترجمه الزخم الدولي المتواصل المساند لمغربية الصحراء ولمشروع الحكم الذاتي لأقاليمنا الجنوبية تحت السيادة المغربية.
كما يُشيد بالمسار التراكمي والحافل بالمكاسب والإنجازات الوحدوية والانتصارات الدبلوماسية الذي عرفته قضيتنا الوطنية، حيث انتقل بها إلى عتبةٍ أعلى من التحول النوعي والاستراتيجي في المقاربة والنتائج، بفضل بُعد نظر الملك محمد السادس ورؤيته السديدة.
وعبر المجلس الوطني عن تطلعه إلى أن تكون سنة 2025 هي سنة الحسم في هذا الملف، وسنة التوطيد النهائي لوحدتنا الترابية، وأن يكون الاجتماع المقبل لمجلس الأمن الدولي فرصةً تاريخيةً لحسم هذا النزاع بشكل نهائي، ولاتخاذ قرار حاسم لدعم السيادة المغربية، والمساهمة في تحقيق الاستقرار والتنمية في المنطقة، وتحويل هذا النزاع إلى فرصة للتعاون الإقليمي والتنمية بعيدًا عن الخلافات السياسية المفتعلة، داعيًا كافة القوى الوطنية إلى التعبئة الوطنية، وتعزيز الجبهة الداخلية من أجل استنفار كل قُدراتنا الجماعية ومؤهلاتِنا الدبلوماسية لرفع نَسَقِ الترافع الناجع والمنسَّق عن القضية الوطنية، بهدف إقناع الدول القليلة المتبقية.
وجدد المجلس الدعوة إلى مختلف الفرقاء السياسيين، والمؤسسات التمثيلية، والقوى الحية في بلادنا، إلى التعجيل بتشكيل الجبهة السياسية للدفاع عن وحدتنا الترابية، التي تم الالتزام بإحداثها في لقاء العيون التاريخي، لتكون واجهةً لتعزيز دبلوماسية التواصل والتأثير والتموقع الاستراتيجي، وآلية للتنسيق والترافع في المحافل والمنتديات لتكثيف دعم القضية الوطنية، والتصدي لأطروحات خصوم وحدتنا الترابية.