أعلن المغرب، السبت، إعادة فتح سفارته في سوريا بعد 13 عامًا على إغلاقها، وذلك “دعماً لمسار واعد” في العلاقات بين البلدين، حسب وصف الملك محمد السادس. وجاء هذا الإعلان في رسالة بعث بها العاهل المغربي إلى القمة العربية المنعقدة في العاصمة العراقية بغداد، وقرأها نيابة عنه وزير الخارجية ناصر بوريطة.
وقال الملك في الرسالة إن المغرب “يجدد التأكيد على موقفه التاريخي الثابت، المتمثل في دعم ومساندة الشعب السوري الأبي لتحقيق تطلعاته إلى الحرية والأمن والاستقرار، والحفاظ على الوحدة الترابية لسوريا وسيادتها الوطنية”.
وأضاف: “تجسيداً لهذا الموقف إزاء أشقائنا في سوريا، ودعماً لهذا المسار الواعد، فإن المملكة المغربية قررت إعادة فتح سفارتها بدمشق”، مؤكداً أن هذا القرار من شأنه أن يسهم في “فتح آفاق أوسع للعلاقات الثنائية التاريخية” بين البلدين.
وكانت الرباط قد أغلقت سفارتها في دمشق عام 2012، إثر تصاعد العنف خلال الثورة الشعبية ضد نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد. وطلبت آنذاك من السفير السوري مغادرة أراضيها، واصفة إياه بـ”شخص غير مرغوب فيه”، تعبيراً عن “القلق الشديد” إزاء ما يتعرض له الشعب السوري. وردت دمشق حينها بالمثل، واعتبرت السفير المغربي في سوريا “شخصاً غير مرغوب فيه”.
كما سبق للرباط أن استدعت سفيرها في نوفمبر/تشرين الثاني 2011، بعد تعرض سفارتها في دمشق لهجوم من متظاهرين مؤيدين للنظام السوري، عقب استضافة السفارة اجتماعاً وزارياً عربياً لمناقشة الأزمة السورية على هامش منتدى تركيا-البلدان العربية.
في هذا السياق، يرى عبد العالي سرحان، الباحث في العلاقات الدولية، أن إعادة فتح المغرب لسفارته في دمشق يعد خطوة ذات أبعاد دبلوماسية واستراتيجية في ظل التغيرات الدولية والإقليمية.
ويشير سرحان في تصريح لجريدة “مدار21” الإلكترونية، أن هذه الخطوة: “تأتي ضمن سياسة مغربية تهدف إلى الانفتاح على سوريا بعد سنوات من القطيعة، خصوصاً مع تزايد الدعوات لإعادة إدماج دمشق في المشهد العربي. فالرباط بهذه الخطوة تسعى إلى تعزيز علاقاته الثنائية من جهة، والمساهمة في إعادة ترتيب البيت العربي من جهة أخرى”.
وأشار سرحان إلى أن القرار المغربي يمكن قراءته أيضاً في ضوء التحولات في السياسة الأمريكية تجاه المنطقة. ويضيف: “في عهد الرئيس دونالد ترامب، أضحى دعم أي تقارب مع النظام السوري مشروطاً بفك ارتباط دمشق مع إيران. وقد يكون المغرب، كحليف للولايات المتحدة، قد استغل التغير في الإدارة الأمريكية لفتح آفاق جديدة مع سوريا دون أن يتعارض ذلك مع مصالحه الاستراتيجية”.
ولفت الباحث أن دمشق ستنظر إلى هذه الخطوة بشكل إيجابي، كونها تشكل دعماً دبلوماسياً جديداً في مسار عودتها إلى المحيط العربي. لكنه يؤكد في الوقت نفسه أن التحدي الأكبر يكمن في قدرة سوريا على تحقيق توازن في علاقاتها بين الدول العربية وإيران، خاصة إذا ما أخذنا في الاعتبار أن الدعم العربي غالباً ما يرتبط بتقليل النفوذ الإيراني في المنطقة.
واختتم سرحان تصريحه للجريدة قائلاً: “قد تفتح هذه الخطوة الباب أمام دول عربية أخرى للقيام بمبادرات مماثلة، لكنها في الوقت نفسه تعكس وعياً مغربياً بضرورة تنويع الشراكات الخارجية مع الحفاظ على المبادئ الدبلوماسية الثابتة”.