أعلن المحامون المغاربة تمسكهم بالتعاضدية العامة لهيئات المحامين بالمغرب، معتبرين أنها “مكسب اجتماعي لا يمكن التراجع عنه أو التفريط فيه تحت أي ظرف”، مشددين على أن “الأمن الصحي للمحاميات والمحامين مضمون من خلال تعاضديتهم، والتي توجد في قلب مشروع الحماية الاجتماعية الوطني”.
وشدد المحامون، في البيان الختامي لأشغال المؤتمر الوطني 32 لمحامي المغرب، الذي اطلعت عليه جريدة “مدار21″، إلى ضرورة “الإسراع بإصدار مرسوم يقضي باستمرار التعاضدية العامة لهيئات المحامين بالمغرب في تقديم خدمات التغطية الصحية الأساسية عن المرض للمحامين وأسرهم، على غرار الجمعيات التعاضدية الأخرى المستفيدة من الاستثناء المنصوص عليه في المادة 114 من القانون رقم 65.00″، داعيا إلى “التعجيل بإخراج نظام الصندوق المستقل لتقاعد المحامين في إطار التعاضدية العامة لهيئات المحامين بالمغرب”.
وذكّر المؤتمر “بأهمية المقاربة التشاركية في إعداد وصياغة النصوص القانونية، والتي تجد أساسها في الدستور وفي اتفاقية الشراكة المبرمة بين وزارة العدل وجمعية هيئات المحامين بالمغرب”، داعيا للارتقاء بهذه المقاربة إلى مستوى النص التنظيمي، موصيا بأن ضمان الأمن القضائي رهين بتوحيد اجتهادات غرف محكمة النقض في القضايا المتشابهة.
وشدد المؤتمر، في البيان الذي تلاه الحسين الزياني، رئيس جمعية هيئات المحامين بالمغرب، على ضرورة ضمان مجانية التقاضي من أجل ولوج مستنير ومتيسر إلى العدالة، وتعزيز المساعدة القضائية والقانونية، لافتا إلى إعادة النظر في تدبير الاعتقال الاحتياطي وتفعيل بدائله، مع إصلاح أعطاب السياسة الجنائية ورفع التجريم عن بعض الجرائم التي أصبحت متجاوزة، وتفعيل العدالة التصالحية، والاهتمام بالضحايا والشهود”.
وطالب المؤتمر بإعادة النظر في مشروع القانون رقم 23.03 المتعلق بتعديل قانون المسطرة الجنائية، بما يضمن التوازن بين سلطتي الدفاع والاتهام، انسجاماً مع قرار المحكمة الدستورية الصادر في 13 غشت 2013، من خلال التنصيص على حضور المحامي أثناء الحراسة النظرية والبحث التمهيدي، وضمان حق المشتبه فيه ودفاعه في الاطلاع على الملف وتقديم الملاحظات خلال مراحل البحث التمهيدي والتقديم، والحق في الحصول على نسخة كاملة بمجرد انتهاء البحث التمهيدي.
ولفت المؤتمر إلى ضرورة تعزيز ضمانات استقلالية المحامي، مع التنصيص على جزاءات صريحة بشأن الاختلالات الشكلية التي تمس حقوق الدفاع، داعيا إلى التأسيس القانوني للجنة الثلاثية بين مؤسسات هيئات المحامين ورئاسة المحكمة والنيابة العامة لتدبير سير المحاكم بشكل تشاركي.
ودعا المؤتمر إلى إعادة النظر في مقتضيات القانون التنظيمي رقم 15.97 المتعلق بشروط وكيفية ممارسة الحق في الإضراب، وذلك باعتماد آلية تشاركية حقيقية وتنصيص على حق الجميع في الإضراب دون استثناء، وبما يتماشى مع الدستور والاتفاقيات الدولية.
وأوصي المؤتمر بوضع حد لما يسمى بالمساطر المرجعية في الإثبات في القضايا الزجرية، وتنظيم طرق وكيفية التعامل معها في إطار مشروع قانون المسطرة الجنائية، لافتا إلى إدراج القوانين الرياضية والتحكيم الرياضي في المنازعات ضمن برنامج التمرين والتكوين المستمر للمحامين، وتجميع القوانين الجنائية الخاصة بالبيئة في مدونة واحدة، وتحيينها بما يتماشى مع خطورة بعض السلوكيات البيئية المستجدة.
وسجل المؤتمر أهمية المكتسبات الحقوقية الهامة الواردة في دستور 2011، داعيا إلى ضرورة تعزيز هذه المكتسبات في مجال التشريع، وفي مقدمتها الإسراع بإصدار القانون التنظيمي المتعلق بالدفع بعدم الدستورية، مشددا على ضرورة تقوية ضمانات الدفاع في المقتضيات التشريعية المطروحة ضمن مشروع قانون المسطرة الجنائية.
وثمن المؤتمر بشكل إيجابي اشتراك المغرب في المنظومة الدولية لحقوق الإنسان من خلال التصويت الإيجابي على قرار الأمم المتحدة القاضي بوقف تنفيذ عقوبة الإعدام، مجددا مطالبته “بإلغاء عقوبة الإعدام في القانون المغربي والتصديق على البروتوكول الثاني الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية”.
ونوه مؤتمر المحامين بـ”المنهجية المعتمدة في تعديل مدونة الأسرة، باعتبار أن قضية الأسرة هي قضية المجتمع بأسره”، داعيا “إلى مواكبة هذا الورش الهام من أجل مدونة أسرة تواكب تطور المجتمع المغربي وتضمن حقوق كافة مكوناته والمصلحة العليا للطفل ضمن إطار قواعد العدل والإنصاف والمساواة، كما هي مكرسة في الدستور والالتزامات الدولية للمغرب”.
وطالب المؤتمر بـ”إصدار مدونة للحريات العامة تكون متلائمة مع القواعد الدستورية والمواثيق الدولية”، داعيا الجهات الرسمية ومؤسسات الحكامة إلى “استكمال مسطرة العدالة الانتقالية وتنفيذ توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة، وذلك عبر الكشف عن الحقيقة الكاملة فيما تبقى من الحالات العالقة، وعلى رأسها ملف المناضل المهدي بن بركة، حتى لا يتكرر ما جرى، والكشف عن مصير الحالات المتعلقة بالاختفاء القسري”.
وأبدى المؤتمر ارتياحه الكبير إزاء العفو الملكي الصادر بحق مجموعة من الصحفيين ومعتقلي الاحتجاجات الاجتماعية، ويطالب بتوسيع العفو ليشمل ما تبقى منهم. كما يدعو إلى فتح حوار مجتمعي مع ممثلي الساكنة في مختلف المناطق، لمعالجة الاختلالات والمشاكل التي تؤدي إلى الاحتجاجات، وضمان مقومات الكرامة الإنسانية والعيش الكريم وفق مقاربة تصالحية لتجنب تكرار ما حدث.
ودعا مؤتمر المحامين إلى “ضرورة احترام حرية الصحافة والرأي والتعبير، وحماية الحق في التظاهر السلمي والتجمع والانتماء النقابي والسياسي، وكذلك الحق في تأسيس الجمعيات وفقاً لما ينص عليه القانون والمبادئ الدستورية”.