بينها تقديم نائبة لملتمس الرقابة.. كواليس مقترحات لم تذوّب “تَناحُر” المعارضة

أفادت مصادر عليمة من داخل مكونات المعارضة البرلمانية المعنية بملتمس الرقابة “المُجهض” أن اللقاءات التي سبقت فشل هذه المبادرة السياسية بعد انسحاب الفريق الاشتراكي من التنسيق بشأنها عرفت تقديم عدة مقترحات من أجل تجاوز الخلاف الذي أثاره زعماء أحزاب المعارضة حول من سيقدم الملتمس أمام نواب الأمة، وفي مقدمتها فسح المجال أمام نائبة باسم مكونات المعارضة لتتولى هذه المهمة. 

وأضافت مصادر الجريدة أن الغاية من هذا الاقتراح كانت أن تقديم امرأة لهذا الملتمس سيكون أخف حدة من أن يتقدم به أحد زعماء أحزاب المعارضة إذا تولى مهمة تقديم المقترح. 

وأوردت المصادر عينها أن هذه اللقاءات خلصت أيضا إلى اقتراح مفاده أن يتم تنظيم ندوة صحفية من أجل تقديم ملتمس الرقابة أمام الرأي العام من طرف أحد الأحزاب في الحين الذي تتم فيه قراءة البيان الصادر من المعارضة من طرف مكون آخر، مقابل تقديم النص في البرلمان من طرف مكون آخر من المعارضة حتى لا يتم الوقوع في الخلافات التي أثارتها أحزاب المعارضة بانفراد حزب واحد باستثمار هذه اللحظة السياسية تحضيراً للانتخابات المقبلة.

وسجل المصدر ذاته أن جميع الفرق والمجموعة النيابية اتفقت على أن مقترح تقديم امرأة لملتمس الرقابة سيكون هو الحل الأنسب في هذه الحالة، مبرزاً أن “الجميع اتفق على أن لهذه المبادرة رمزية سياسية تسمو بصورة النساء في المشهد السياسي المغربي وتجنبنا شبح الوقوع في التفاصيل الثانوية التي أثارها زعماء الأحزاب وبالتالي فشل المبادرة، وهو ما وقع في النهاية”.

وسجلت مصادر “مدار21” الإلكترونية أنه في البداية بدت بوادر التوافق السياسي بين جميع المكونات إيجابية، مشيراً إلى أنه تم الاتفاق على إبداء تنازلات في ما يتعلق بمن سيقدم المقترح بحكم أنه سيتم تقديم الردود والكلمات الخاصة بكل فريق من طرف الشخص الذي يراه كل حزب مناسباً لهذه المهمة، وعندها يمكن تقديم الكلمة من طرف رئيس الفريق أو أي عضو آخر.

واليوم فقط، وجه الفريق الاشتراكي-المعارضة الاتحادية ضربة قاصمة لملتمس الرقابة، الذي كانت المعارضة تراهن عليه لسحب الثقة من الحكومة، بإعلان توقيفه لأي تنسيق بخصوص المبادرة.

وبرّر الفريق الاشتراكي، في بلاغ توصلت جريدة “مدار21” بنسخة منه، انسحابه برفض التعامل بـ”استخفاف وانعدام الجدية مع الآليات الرقابية الدستورية وعدم احترام وتقدير الرأي العام المواكب”، زيادة على “انتفاء الغايات من ملتمس الرقابة كآلية رقابية من أجل تمرين ديمقراطي يشارك فيه الجميع، وحلول محلها رؤية حسابية ضيقة تبحث عن الربح السريع بدون تراكمات فعلية”.

فريق حزب “الوردة” بمجلس النواب، شدد على أنه “لم يلمس أي رغبة في التقدم من أجل تفعيل ملتمس الرقابة”، مشيرا إلى أنه “كان هناك إصرار على إغراق المبادرة في كثير من الجوانب الشكلية التي تتوالد في كل اجتماع جديد”.

وأبرز أن الإعداد لملتمس الرقابة، في نسخته الثانية، جاء أيضا بمبادرة من الفريق الاشتراكي “وتم الاتفاق بين رؤساء الفرق والمجموعة النيابية المشكلة للمعارضة على تفعيل الملتمس والشروع في صياغة مذكرة تقديمه وجمع التوقيعات لتوفير شرط خمس أعضاء مجلس النواب المنصوص عليه دستوريا”، مستطردا “لكن للأسف، وبعد سلسلة من الاجتماعات، لم نلمس أي إرادة حقيقية وصادقة لإخراج المبادرة إلى حيز الوجود”.

واسترسل موضحا بأن “بعض مكونات المعارضة فضلت الدخول في تفاصيل ذاتية وتقنية لا علاقة لها بالأعراف السياسية والبرلمانية المتوافق عليها والمعمول بها. واعتمد البعض التشويش على المبادرة بالتسريبات الإعلامية التي تخدم أجندته وتعمد إلى تضليل الرأي العام، وكذا إغراق المبادرة في كثير من الانتظارية وهدر الزمن السياسي بعيدا عن أخلاقيات التنسيق والتداول المسؤول بين مكونات المعارضة”.

وذكّر الفريق الاشتراكي بأنه من بادر إلى اقتراح لجوء المعارضة إلى تقديم ملتمس الرقابة استنادا إلى الفصل 105 من الدستور نهاية سنة 2023، وأدرجتها القيادة السياسية للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ضمن تقريرها السياسي المقدم أمام المجلس الوطني للحزب يوم السبت 27 يناير 2024.  

وشدد على أنه منذ يناير 2024 “باشرنا كحزب وكفريق اشتراكي، التنسيق مع مكونات المعارضة بخصوص تقديم ملتمس الرقابة، علما أننا كنا واعين بأن المعارضة لا يمكنها أن تصل إلى تصويت الأغلبية المطلقة للنائبات والنواب، وبالتالي لن يتم التصويت بالموافقة على الملتمس ودفع الحكومة إلى تقديم استقالتها الجماعية، لكننا كنا واعين أيضا بأن الملتمس سيمكن من فتح نقاش سياسي هادئ ومسؤول أمام المغاربة حول التحديات المطروحة، وحول أهمية الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية الضرورية لبلادنا من أجل تقوية مسارها الديمقراطي التنموي”.

وأكد الفريق الاشتراكي أن طرح ملتمس الرقابة “استطاع أن يحرك مياه السياسة الراكدة في بلادنا حتى قبل تقديمه، ولقي اهتماما من طرف مختلف فئات الرأي العام والحكومة ومكونات البرلمان ووسائل الإعلام”.

وكانت مصادر جريدة “مدار21” قد كشفت أن التنسيق بين فرق المعارضة لتقديم ملتمس الرقابة وصل الباب المسدود، بعد خلاف قوي على تحديد النائب البرلماني الذي سيقدم الملتمس.

واشترط الفريق الحركي بمجلس النواب، من أجل الموافقة على الانخراط بملتمس الرقابة لإسقاط الحكومة، أن يقدم الملتمس أمينه العام محمد أوزين، باعتباره الوحيد من الأمناء العامين للمعارضة الموجود بمجلس النواب.

ولفتت المصادر إلى أن رئيس الفريق الحركي إدريس السنتيسي أبلغ رؤساء الفرق والمجموعة النيابية عن المعارضة بشرط الفريق الحركي، قبل أن ينسحب من اللقاء الذي جمعهم مساء الإثنين المنصرم، وهو المقترح الذي يعترض عليه ادريس لشكر، الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي، بشدة.

ويرفض الفريق الحركي “تغول” إدريس لشكر وتمسكه بتقديم الملتمس باعتباره صاحب المبادرة، ولكون الفريق  الاشتراكي أول فريق في المعارضة من حيث عدد النواب البرلمانيين.

وأكدت المصادر أن الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي يعترض بدوره بشدة على تقديم الملتمس من طرف محمد أوزين أو عبد الله بووانو، رئيس المجموعة النيابية للعدالة والتنمية ومنسق فرق المعارضة.

ويرى الاتحاد الاشتراكي نفسه الأجدر بتقديم ملتمس الرقابة، لكونه أكثر فرق المعارضة تمثيلا بمجلس النواب، إضافة إلى أنه كان سباقا لاقتراح المبادرة في صيغتها الأولى قبل أن تواجه الفشل، وهو الأمر الذي ترفضه باقي أطراف المعارضة، خاصة “البيجيدي” والحركة الشعبية نظرا للخلافات التي تجمعهما بحزب “الوردة”.

عن أسيل الشهواني

Check Also

ألمانيا تؤكد استمرار دعمها لبعثة المينورسو وقوات حفظ السلام الأممية

أعلنت ألمانيا عن مواصلة مساهمتها المالية في بعثة المينورسو بالصحراء، إلى جانب بعثات الأمم المتحدة …

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *