فتح قنصلية في الصحراء المغربية.. التزام أمريكي يختبر مصداقية واشنطن

خلال الولاية الأولى للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، تمكنت الإدارة الأمريكية من التوسط في إبرام اتفاق لتطبيع العلاقات الدبلوماسية بشكل كامل بين إسرائيل والمغرب. ولضمان نجاح هذه الصفقة، قدمت واشنطن مجموعة من الالتزامات الرسمية للرباط.

أحد هذه الالتزامات تم تنفيذه بالفعل في عام 2020، حيث أعلن الرئيس ترامب آنذاك اعتراف الولايات المتحدة بسيادة المغرب على الصحراء المغربية. لكن الالتزام الآخر، المتمثل في فتح قنصلية أمريكية في الصحراء المغربية، وتحديدًا في مدينة الداخلة، لا يزال معلقًا حتى اليوم.

في هذا السياق، يرى مايكل والش، الخبير الأمريكي في السياسة الخارجية والزميل غير المقيم في برنامج إفريقيا بمعهد أبحاث السياسة الخارجية (FPRI)، أن هناك أسبابًا قوية تستدعي من الإدارة الأمريكية في ولايتها الثانية الوفاء بهذا الالتزام.

وأوضح والش في مقال رأي حديث أن مبدأ المعاملة بالمثل يلعب دورًا جوهريًا في هذا الملف، حيث إن المغرب يواجه بيئة خارجية تتسم بالغموض والتقلب وعدم اليقين. ويعتقد أن عدم فتح القنصلية في الداخلة قد يمنح المغرب مبررات للتراجع عن التزاماته في ظروف مستقبلية غير متوقعة.

وأضاف الخبير أن عنصر الموثوقية الأمريكية على المحك، إذ تسعى إدارة ترامب إلى توسيع نطاق اتفاقيات أبراهام لتشمل دولًا إضافية غير البحرين والمغرب والسودان والإمارات. ويشير إلى أن عدم إنشاء القنصلية قد يضعف موقف الولايات المتحدة كوسيط موثوق في أي مفاوضات مشابهة مستقبلاً.

كما لفت والش إلى أن السياسة الداخلية تلعب دورًا مهمًا في هذا القرار، حيث حظيت اتفاقيات أبراهام بإشادة واسعة باعتبارها إنجازًا دبلوماسيًا تاريخيًا لإدارة ترامب أمام الرأي العام الأمريكي. ومن ثم، فإن التراجع عن استكمال الالتزامات المرتبطة بهذه الاتفاقيات قد ينعكس سلبًا على المشهد السياسي الداخلي.

وفيما يتعلق بالنفوذ الأمريكي، يرى والش أن فتح القنصلية في الداخلة قد يعزز الوجود الأمريكي في منطقة الساحل، خاصة بعد تراجع الدور الإقليمي للولايات المتحدة نتيجة التغيرات في البيئة الخارجية بمنطقة غرب إفريقيا. ويعتبر أن القنصلية ستشكل منصة محورية لتعزيز القوة الأمريكية في المنطقة.

من ناحية أخرى، أشار والش إلى عقبات تعيق تنفيذ هذا الالتزام، أبرزها التكلفة المالية. إذ تعمل إدارة ترامب على تقليص الإنفاق غير الدفاعي بشكل كبير، ما يجعل فتح القنصلية في الداخلة، والذي يتطلب تمويلًا غير دفاعي ضخم، خطوة تتناقض مع سياسات التقشف المالي المعتمدة.

وفي ختام تحليله، يرى والش أن فتح القنصلية في الداخلة سيظل مرهونًا بقدرة الحلفاء الأمريكيين، مثل إسرائيل والمغرب، على تحمل التكاليف المترتبة على ذلك. ويعتقد أن القرار النهائي سيتأثر بموازنة دقيقة بين المصالح المالية والسياسية، خاصة مع تصاعد الضغوط الدبلوماسية في هذا الملف.

عن أسيل الشهواني

Check Also

الأميرة للا حسناء تترأس الدورة الأولى للمجلس الإداري لمؤسسة المسرح الملكي الرباط

الخط : A- A+ ترأست الأميرة للا حسناء، رئيسة مؤسسة المسرح الملكي الرباط، مرفوقة ببريجيت …

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *