أوصى مركز الاستشراف الاقتصادي والاجتماعي بتطوير البنيات التحتية الكفيلة بتحقيق غايات المبادرة الأطلسية ودعم الربط بين الدول المعنية بالمبادرة، مشيرةً إلى أنه لابد من إرساء أطر مؤسساتية قوية قوياً من خلال تشكيل هيئات إقليمية مختصة تجمع القطاعين الخاص والعام.
التوصيات التي قدمها المركز، في تقريره المعنون بـ”المبادرة الأطلسية المغربية: فرص اقتصادية وتحولات جيو استراتيجية”، أكد أن المبادرة الأطلسية تعكس الدور المحوري للمغرب في تعزيز التعاون بين دول غرب إفريقيا والساحل لسعيها إلى ضمان سلاسة التنقل التجاري بين دول جنوب الصحراء، عبر استخدام موانئه المتطورة كقنوات رئيسية للتبادل التجاري.
وأوضح التقرير، الذي اطلعت جريدة “مدار21” الإلكترونية على نسخة منه، أن المبادرة الأطلسية تُتيح تكاملاً لوجستياً مع دول الساحل وتوفر إمكانية الوصول إلى الأسواق العالمية، في وقت تظل فيه التجارة التقليدية مع أوروبا وآسيا بحاجة إلى تحديث وتطوير ما يخلق ديناميكية جديدة تساهم في تحفيز الاقتصاديات الإفريقية، وتفتح المجال أمام إنشاء أسواق محلية جديدة تساهم في تنمية الدخل القومي وتوفير فرص العمل.
واعتبرت خلاصات الدراسة ذاتها أن تعزيز فعالية المبادرة الأطلسية وتحقيق أهدافها الاقتصادية والجيوسياسية يمر عبر دعم تطوير شبكات النقل والموانئ بشكل مستمر، مشددةً على أنه لا يمكن للمبادرة أن تحقق أهدافها في غياب بنية تحتية متطورة تدعم الربط بين الدول المعنية، سواء على المستوى المحلي أو الإقليمي.
وأكد المصدر ذاته أنه يجب العمل على تحديث الموانئ الحالية وإنشاء بنية لوجستية حديثة تدعم حركة التجارة بشكل مستدام، مما يساهم في تقليص التكاليف اللوجستية وتعزيز جاذبية الأسواق الأطلسية للمستثمرين الأجانب، مسجلةً أن هذا الدعم يشكل خطوة أساسية نحو تيسير تدفق السلع والخدمات، ويعمل على تقوية التكامل الاقتصادي بين دول الأطلسي من خلال شبكات متعددة تغطي كافة المجالات التجارية.
ومن جهة أخرى، أشارت الدراسة إلى أن إرساء أطر مؤسساتية قوية وفعالة للتعاون الأطلسي يُعدُّ أمراً حيوياً لتحقيق أهداف المبادرة ويتطلب الأمر تشكيل هيئات إقليمية مختصة تجمع بين القطاعين العام والخاص، بحيث تتولى هذه الهيئات مسؤولية تنسيق المشاريع المشتركة، وتتأكد من تنفيذ السياسات بفعالية وشفافية.
ولفتت الدراسة إلى أن هذا التعاون المؤسساتي سيُيَسِّر التبادل المعلوماتي وإدارة مشاريع البنية التحتية وتحديد أولويات التعاون بين الدول المشاركة ما سيساهم في ترسيخ الثقة بين الفاعلين الاقتصاديين والدوليين، مما يعزز استقرار المبادرة ويضمن استدامتها.
وفي سياق موازٍ، أورد مركز الاستشراف الاقتصادي والاجتماعي أنه من الضروري إشراك القطاع الخاص والمجتمع المدني بشكل أكبر في المبادرة، معتبرةً أن هؤلاء الفاعلين يعتبرون شريكا أساسيا في نجاح المشاريع التنموية، سواء من خلال توفير التمويل أو نقل الخبرات كما يجب أن يتم خلق بيئة تحفيزية للمستثمرين المحليين والدوليين، تتيح لهم فرصاً ملموسة في القطاعات الحيوية مثل الطاقات المتجددة التعليم، والصناعة التحويلية.
ومن التوصيات التي وقفت عليها خلاصات التقرير ضمان انفتاح دائم وشراكة حقيقية مع دول الساحل غير الساحلية، وذلك من خلال تمكين هذه الدول من الوصول المستدام إلى المحيط الأطلسي، وهو ما يساهم في تحقيق التنمية المستدامة في هذه البلدان.
ويجب على المغرب، وفق المركز، العمل على تعزيز آليات التعاون الموجهة إلى هذه الدول، عبر توفير منفذ اقتصادي آمن وموثوق، يوفر لها فرصا جديدة للاستثمار ويعزز قدراتها التنافسية في الأسواق العالمية، مؤكداً أن هذا ما يتطلب بناء شراكات استراتيجية تأخذ بعين الاعتبار الاحتياجات التنموية الخاصة لهذه الدول، مع تعزيز آليات الأمن الغذائي والطاقة، والتعليم، بما يساهم في تحسين الظروف المعيشية وتحقيق نمو اقتصادي مستدام.
وسجل التقرير عينه أنه يتعين توفير مكاتب تنسيق تتابع أداء المبادرة لمواكب المتغيرات المحلية والإقليمية والعالمية لضمان مرونتها ونجاحها على المدى الطويل وتتبع تأثير المبادرة الـأطلسية على الاقتصاد المحلي والإقليمي.