“فراقشية المواشي”.. هل تُعرقل فَراغَات النظام الداخلي مهمة النواب الاستطلاعية؟

في الوقت الذي لم يحسم فيه مكتب مجلس النواب في طلبي فرق الأغلبية والفريق الحركي لاستطلاع حقائق دعم استيراد المواشي وقياس تأثيره على أسعار الأكباش واللحوم الحمراء في السوق الوطنية، لا يبدو طريق المهمة الاستطلاعية بالمُيسَّر للوصول إلى خلاصات تزيل اللبس والجدل الذي أحاط بهذا الموضوع منذ أسابيع بالنظر إلى ضيق زمن الولاية التشريعية المتبقي والفراغات التشريعية في النظام الداخلي علاقة بتنظيم المهام الاستطلاعية.

وقاد النقاش الذي اشتهر إعلاميا بـ”فراقشية دعم المواشي” اتهامات متبادلة بين مكونات الأغلبية والمعارضة بالرغبة في إثارة “البوز السياسي” والقيام بحملة انتخابية غير مباشرة، مقابل رد المعارضة التي تعتبر أن الأغلبية تتشبت بـ”إفشال” فضح “الاختلالات” التي شابت هذه العملية.

وسبق أن حسمت اللجنة المعنية داخل مجلس النواب، لجنة القطاعات الإنتاجية، موقفها من جدل الطلبات المتعددة لاستجلاء حقيقة الاتهامات الموجهة إلى مستوردي المواشي واللحوم الحمراء، برفعها طلبي فرق الأغلبية والفريق الحركي إلى مكتب المجلس للحسم في الموضوع، مع توصيتها بدمج المهمتين في مهمة واحدة.

ويطرح النظام الداخلي لمجلس النواب إشكاليات على مستوى تيسير القيام بهذه المهمة الاستطلاعية بحكم غياب مقتضى قانوني صريح يلزم مكتب مجلس النواب بموعد محدد للبت النهائي في طلبات الفرق النيابية لتشكيل المهام الاستطلاعية.

إلى ذلك، وعلى مستوى النظام الداخلي لمجلس النواب دائما، فإنه لم يُشر بشكل واضح إلى مسطرة إطلاق المهمة الاستطلاعية بعد مصادقة مكتب على المجلس على الطلبات، إما بقبول واحد منهما وإعطائه الأسبقية أو دمجهما معا في مهمة واحدة، من خلال غياب نص صريح يلزم اللجنة الاستطلاعية بالشروع في القيام بمهامها مباشرة بعد موافقة مكتب المجلس على الطلب أو تحديد مدة زمنية بين الموافقة ومباشرة المهام الاستطلاعية لأعضاء اللجنة.

وفي المقابل، فإن المادة 147 أزالت بعضاً من اللبس الذي من الممكن أن يُعقِّد تشكيل هذه المهمة “المثيرة للجدل”، حيث أشارت إلى أنه تتم دراسة تقارير المهام الاستطلاعية المؤقتة وفق مسطرة محددة، مؤكدةً أنه يُحال تقرير المهمة الاستطلاعية على مكتب المجلس بالموازاة مع إحالته على اللجنة المعنية، داخل أجل لا يتعدى ستين يوماً ابتداءً من تاريخ أول إجراء يقوم به أعضاء المهمة.

ومن خلال مضمون المادة 147 يتضح أن أشغال أي لجنة استطلاعية بالمجلس لا يجب أن تفوق شهرين من الزمن لتقديم ومناقشة تقريرها، ما يجعل الإشكال مطروحاً، في هذه الحالة، على مستوى غياب المدد المحددة لحسم مكتب مجلس النواب في الطلبات التي تقدم له والفترة التي تفصل بين قبول المجلس للطلب وشروع اللجنة في استطلاع المعطيات الخاصة بالموضوع.

مريم أبليل، باحثة في القانون الدستوري والعلوم السياسي، قالت إن “النظام الداخلي لمجلس النواب، في مادته الـ147، واضح بخصوص تحديد المدة المخصصة للمهام الاستطلاعية في 60 يوم منذ شروع أعضاء اللجنة الاستطلاعية في مهامهم”، مبرزةً أن “الإشكال المطروح اليوم هو مسطرة مصادقة مكتب المجلس على الطلبات وإحداث اللجنة وليس في المدة التي يجب أن تقدم فيه اللجنة تقريرها”.

وأضاف المهتمة بالتشريع البرلماني، في تصريح لجريدة “مدار21” الإلكترونية، أن “الإِشكال الثاني الذي  يجب أن ننتبه إليه في هذا الصدد هو التزام اللجان الاستطلاعية بهذه المدد”، مشيراً إلى أن “بعض اللجان لم تقدم تقاريرها في هذه المواعيد التي يتحدث عنها النظام الداخلي”.

وتابعت المتحدثة عينها أنه “لهذه المبررات كانت هناك مطالب بتشكيل لجنة لتقصي الحقائق بحكم أنها أكثر تنظيما على مستوى الإجراءات والمساطر وتخضع لمقتضيات قانون تنظيمي وليس للنظام الداخلي فقط”، مشددا على أن “هذه الفراغات التشريعية هي التي من الممكن أن تؤثر على ممارسة البرلمان لأدواره الرقابية المنصوص عليها دستورياً”.

عن أسيل الشهواني

Check Also

بريطانيا تؤكد “الأهمية الخاصة” للعلاقات مع المغرب

جددت الحكومة البريطانية، أمس الأربعاء، على لسان، بن كولمان، المبعوث التجاري لرئيس الوزراء كير ستارمر …

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *