قال محمد ولد الرشيد، رئيس مجلس المستشارين، إن “البعد التنموي أحد أبرز معالم الرؤية المغربية في ترسيخ مغربية الصحراء، إذ تشهد الأقاليم الجنوبية للمملكة تحولات نوعية بفعل المشاريع الملكية التنموية المهيكلة التي تحتضنها، هذا فضلا عن المبادرات ذات الامتداد الإفريقي، كمشروع أنبوب الغاز نيجيريا–المغرب، والمبادرات الأطلسية”.
وأضاف، في افتتاح الندوة الوطنية تحت شعار: “البرلمان المغربي وقضية الصحراء: نحو دبلوماسية موازية ناجعة وترافع مؤسساتي فعال”، أنها “ليست فقط مشاريع للبنية التحتية، بل مقومات استراتيجية لإعادة تشكيل الأدوار الجيوسياسية للمملكة، عبر جعل الصحراء المغربية فضاء للاستقرار والنمو، ومنصة للربط بين شمال القارة الإفريقية وجنوبها، بما يعزز التكامل الإقليمي ويكرس ريادة المغرب في محيطه”.
وفي هذا السياق، أورد ولد الرشيد أن الدبلوماسية البرلمانية تكتسي أهمية مضاعفة “باعتبارها شريكا أساسيا في إبراز هذه الدينامية على المستوى الدولي، والتعريف بنجاعة النموذج التنموي المغربي في أقاليمه الجنوبية، والدفاع عن أبعاده الاستراتيجية، بما يعزز صورة المملكة كفاعل موثوق في محيطه الإقليمي و القاري”.

وأشار ولد الرشيد إلى أن المقاربة الدبلوماسية المغربية انتقلت، خلال السنوات الأخيرة، إلى “منطق المبادرة والاستباق، مرتكزة على شرعية تاريخية راسخة، وحجج قانونية قوية، ومشاريع تنموية طموحة، وقد أثمرت هذه المقاربة عن مكاسب وازنة، لعل أبرزها الدعم المتزايد لمبادرة الحكم الذاتي”.
ولفت رئيس مجلس المستشارني إلى أنه “في مقابل هذه الدينامية الخارجية المتنامية، ثمت جبهة داخلية متماسكة، يجسدها الإجماع الوطني الصلب حول القضية الوطنية”، مشيرا إلى أنه “إجماع يجد ترجمته في الانخراط الجماعي والمسؤول في الدفاع عن قضية الوحدة الترابية، ويشكل رافعة أساسية لتعزيز مصداقية الترافع المغربي ونجاعته داخل مختلف الفضاءات الوطنية والدولية”.
وأوضح أن “هذه الندوة ليست مجرد مناسبة للتفكير الجماعي وتبادل الرؤى، بل هي تعبير عن الوعي العميق لمجلس المستشارين بمسؤوليته الوطنية، وحرصه الدائم على التفاعل مع التحولات الكبرى التي تشهدها قضيتنا الأولى، سواء على مستوى الاعتراف الدولي المتنامي بمغربية الصحراء، أو على صعيد الدينامية التنموية المتسارعة التي تعرفها أقاليمنا الجنوبية، أو من خلال المكانة المتقدمة للمغرب ضمن محيطه الجيوسياسي، الإقليمي والدولي”.
وأكد أن مجلس المستشارين بادر إلى ترجمة “التوجيهات الملكية الرصينة من خلال عدد من المبادرات، لا سيما منها قرار تفعيل آلية مجموعة العمل الموضوعاتية المؤقتة لتقديم الاستشارة حول القضية الوطنية الأولى، وذلك لأول مرة منذ إحداث هذه الآلية في النظام الداخلي للمجلس”.

وأشار إلى أن قرار تفعيل وهيكلة مجموعة العمل الموضوعاتية “يروم بالأساس توفير الاستشارة اللازمة حول هذا الموضوع من أجل تعزيز تموقع البرلمان ضمن المنظومة الوطنية للترافع حول قضية الوحدة الترابية، وإنتاج أرضيات عمل جماعية استشارية، تعزز من أداء المجلس في الدفاع عن قضايانا الوطنية”.
واعتبر أن الندوة الوطنية تعتبر إحدى ثمار هذه الدينامية، إذ تعد “تجسيدا لخيار المجلس بالانفتاح وتوسيع المشاركة وذلك ضمن رؤية استراتيجية تروم ترسيخ المكانة الاعتبارية لمجلس المستشارين في الاضطلاع بالدبلوماسية البرلمانية، وتعزيز تماسك الجبهة الداخلية، وخدمة القضية الوطنية في مختلف أبعادها”.
وأكد التطلع، من خلال هذه الندوة ومن طموح أرضيتها التأطيرية وتقاطع وتكامل محاورها الخمس، إلى “إبراز التحديات والرهانات الحالية والمستقبلية المرتبطة بتقوية الأداء البرلماني في معركة الترافع والدفاع عن الوحدة الترابية، ومن جهة أخرى، إلى بلورة مداخل مبتكرة لتأطير جهود الدبلوماسية البرلمانية، بما يخدم توجهها المرتكز على أخذ المبادرة، والاستباق والاستهداف والفاعلية، والتكامل مع الدبلوماسية الرسمية، والمستند على المعطيات والحقائق القانونية والتاريخية والسياسية والإنسانية التي تؤطر مغربية الصحراء، وتعزز التراكم الوطني في الترافع السياسي والمدني والمؤسساتي”.