أعلنت وزارة التربية والتعليم في دولة الإمارات العربية المتحدة استحداث مادة الذكاء الاصطناعي لإدراجها كمقرر دراسي ضمن المنظومة التعليمية للمدارس الحكومية، ابتداءً من مرحلة رياض الأطفال التأسيسية ووصولًا إلى الصف الثاني عشر (المرحلة الثانوية)، على أن يبدأ تطبيق هذا المنهج اعتبارًا من العام الدراسي المقبل (2025-2026)
ويهدف ذلك إلى تزويد الطلبة بالمعارف والمهارات اللازمة لفهم مبادئ الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته المتزايدة في مختلف جوانب الحياة اليومية ومجالات العمل المستقبلية. وتتماشى هذه الخطوة مع رؤية دولة الإمارات في تمكين الطلبة من التفاعل مع المتغيرات التكنولوجية المتسارعة في العصر الحديث، وصناعة الحلول المبتكرة للتحديات المستقبلية، والمساهمة في بناء مجتمع رقمي عالمي.
ريادة عالمية في التعليم التقني:
تُعدّ دولة الإمارات من أوائل دول العالم التي تدرِج الذكاء الاصطناعي كمادة دراسية ضمن مناهج التعليم المدرسي في هذا النطاق الواسع من المراحل الدراسية المبكرة وحتى التخرج.
وترسخ هذه الخطوة ريادة الدولة في توظيف التكنولوجيا المتقدمة في بناء رأس المال البشري، وتعزيز المهارات المتقدمة لدى الأجيال الجديدة منذ نعومة أظفارهم، بما يدعم التوجهات الإستراتيجية لدولة الإمارات نحو التحول إلى اقتصاد المعرفة القائم على الابتكار، ويعكس التزامها ببناء منظومة تعليمية حديثة ومرنة قادرة على إعداد أجيال متمكنة من أدوات ومهارات المستقبل، تساهم بفعالية في دفع عجلة التنمية المستدامة وقيادة المستقبل.
شراكات إستراتيجية لتطوير مادة الذكاء الاصطناعي:
يُعدّ هذا المشروع أحد أبرز المبادرات التعليمية الوطنية الرائدة، التي أطلقتها وزارة التربية والتعليم في إطار الاستجابة لتوجهات دولة الإمارات نحو تعزيز مكانتها العالمية في مجالات الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي؛ إذ تعمل الوزارة على تعزيز استخدام الذكاء الاصطناعي في التعليم عبر شراكات إستراتيجية مع كل من شركة (بريسايت) التابعة لمجموعة (جي 42)، وشركة (AI71)، وجامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي، وكلية الإمارات للتطوير التربوي، وذلك بهدف تسريع تبنّي التقنيات المتقدمة داخل البيئة التعليمية.
ويجسّد المشروع في جوهره رؤية الإمارات الاستباقية في الاستثمار بالطاقات البشرية والمعرفية، ويعكس التزام الدولة ببناء منظومة تعليمية حديثة ومرنة، قادرة على تأهيل أجيال متمكنة من أدوات المستقبل ومهاراته، تسهم بفعالية في دفع عجلة التنمية المستدامة على المستوى الوطني.
ضمن خطط دولة الإمارات طويلة المدى في إعداد الأجيال القادمة لمستقبل مختلف .. وعالم جديد .. ومهارات متقدمة .. اعتمدت حكومة الإمارات اليوم المنهج النهائي لاستحداث مادة “الذكاء الاصطناعي” في كافة مراحل التعليم الحكومي في دولة الإمارات من رياض الأطفال وحتى الصف الثاني عشر بدءاً من…
— HH Sheikh Mohammed (@HHShkMohd) May 4, 2025
وأكدت معالي سارة بنت يوسف الأميري، وزيرة التربية والتعليم في دولة الإمارات، أن اعتماد منهج الذكاء الاصطناعي في جميع المراحل الدراسية في المدارس الحكومية يمثل خطوة إستراتيجية لا تقتصر على تعليم استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي، بل تتجاوز ذلك نحو إعداد جيل واعٍ بأخلاقيات التقنية، وقادر على تطوير حلول ذكية بأدوات وطنية تسهم في فتح آفاق تعليمية ومهنية جديدة أمام أجيال المستقبل.
تصميم منهج شامل ومرن:
صُمم المنهج الإماراتي لمادة الذكاء الاصطناعي ليغطي سبعة مجالات رئيسية معترف بها عالميًا في الذكاء الاصطناعي، وهي: المفاهيم الأساسية للذكاء الاصطناعي، والبيانات والخوارزميات، واستخدام البرمجيات، والوعي الأخلاقي والمسؤولية المجتمعية، والتطبيقات الواقعية للذكاء الاصطناعي في مختلف القطاعات، والابتكار وتصميم المشاريع، وكذلك السياسات والارتباط المجتمعي المحيط بالذكاء الاصطناعي.
كما صُمم المنهج ليراعي الفئات العمرية المختلفة وتطور القدرات الذهنية للطلبة، مع تحديد مخرجات تعليمية واضحة لكل مرحلة، وذلك بهدف ضمان أن يكون كافة خريجي التعليم العام ملمين بالمعارف والمفاهيم الأساسية للذكاء الاصطناعي، ومتمكنين من المهارات الأساسية في استخدامه، وقادرين على توظيفه بفاعلية في مختلف السياقات الحياتية والمهنية.
مراحل تعليمية مصمّمة بعناية لكل فئة عمرية:
يتضمن المنهج وحدات تعليمية مصممة خصوصًا لكل مرحلة عمرية لضمان التدرج والعمق المناسب:
- مرحلة رياض الأطفال: يُقدم المنهج مفاهيم التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي بطرق بسيطة وممتعة، باستخدام أنشطة بصرية وتفاعلية، وقصص، وألعاب تعليمية لتعريف الأطفال بالمفاهيم الأولية.
- الحلقة الأولى (الصفوف الإبتدائية): يتعلم الطلبة كيفية عمل الآلات والأنظمة الذكية، ويبدؤون في بناء مهارات التفكير الرقمي الأساسية، واستكشاف تطبيقات الذكاء الاصطناعي البسيطة في بيئتهم المحيطة.
- الحلقة الثانية (الصفوف المتوسطة): ينتقل الطلبة إلى دور أكثر تفاعلية، إذ يصبحون قادرين على تدريب أنظمة الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي وتقييمها، وتصميم نماذجهم الخاصة، كما يتعلمون مفاهيم مثل: التحيز في البيانات والخوارزميات، وكذلك كيفية الاستخدام الآمن والأخلاقي للذكاء الاصطناعي
- الحلقة الثالثة (الصفوف الثانوية): يركز المنهج في هذه المرحلة في تطوير المهارات التطبيقية المتقدمة، مثل: هندسة الأوامر (Prompt Engineering) للتفاعل بكفاءة مع نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي، كما يتدرب الطلبة على محاكاة سيناريوهات من الحياة الواقعية باستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي لإعدادهم بنحو شامل لمرحلة التعليم العالي ومتطلبات سوق العمل المستقبلية.
تنفيذ سلس دون تعديل الجداول الدراسية:
أوضحت وزارة التربية والتعليم أن المنهج الجديد للذكاء الاصطناعي سيتكامل بسلاسة مع الجداول الدراسية المعتمدة حاليًا، ولن يتطلب إضافة ساعات تعليمية جديدة إلى الأسبوع الدراسي. وستُخصص حصص هذا المنهج ضمن إطار مادة (الحوسبة والتصميم الإبداعي والابتكار) القائمة بالفعل، التي سيقوم معلموها بتدريس المنهج، كما ستوفر الوزارة أدلة تعليمية تتضمن مجموعة من الأنشطة، والنماذج، وخطط الدروس الجاهزة، التي يمكن تكييفها وفق البيئات الصفية المختلفة.
وُتعدّ هذه المبادرة خطوة محورية في مسيرة تطوير التعليم في دولة الإمارات، وتجسد التزامها ببناء جيل المستقبل القادر على فهم واستخدام وتطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي بمسؤولية وابتكار، مما يعزز مكانة الدولة كمركز عالمي للابتكار التكنولوجي ومجتمع معرفي رائد.