احتفالات فاتح ماي سُيِّست وما حققناه في الحوار الاجتماعي غير مسبوق

استغرب مصطفى بايتاس، الناطق الرسمي باسم الحكومة، “تسييس” احتفالات فاتح ماي، الذي أحيته الطبقة الشغيلة الخميس الماضي، رافضا في الوقت ذاته ربط الحوار الاجتماعي مع النقابات بمزاجية الحكومة.

وقال بايتاس، الناطق الرسمي باسم الحكومة، في حوار خص به برنامج “مع يوسف بلهيسي”، الذي بث على مختلف منصات جريدة “مدار21″، إن “المفروض أن فاتح ماي هو مناسبة للاحتفال بعيد العمال والوقوف عند المكتسبات ورصدها وتثمينها، وفي الوقت ذاته نرى الإمكانيات الأخرى الممكنة”، مضيفا “لكن ربما الجديد هو تسييس فاتح ماي أو تسييس هذه المحطة العمالية، أظن فاتح ماي مناسبة عمالية يجب علينا جميعا أن نمنحها مكانتها، ويجب أن نعترف أنه عيد خاص بالعمال”.

وشدد على أن الحوار الاجتماعي “غير مرتبط بمزاجية الحكومة”، موضحا “عندما جاءت الحكومة أكدت ضرورة مأسسته، وذلك استجابة لخطاب ملكي سام”، مشيرا إلى أن المأسسة تعني “عقده بانتظام طبعا وأن تتحول مؤسسة الحوار الاجتماعي من مجرد لقاءات معزولة إلى مؤسسة حقيقية تعالج فيها القضايا”.

وأشار إلى أن الحكومة وقّعت على اتفاقات مع النقابات بلغت كلفتها الإجمالية 46 مليار درهم، وهو رقم غير مسبوق في تاريخ الحوار الاجتماعي بالمغرب، كما ذكر بأن هذا التفاعل الإيجابي مع الشركاء الاجتماعيين أفرز إصلاحات مهمة، مثل معالجة ملف من لم يتمكنوا من الوصول إلى 3240 نقطة في نظام الضمان الاجتماعي، الذين كانوا يحرمون من التقاعد رغم مساهماتهم، وهو ما وصفه بايتاس بأنه كان “مأساة” تم تداركها بإصلاح القانون وإصدار مرسوم خاص.

وأكد بايتاس أن الإنجازات التي تحققت من خلال الحوار الاجتماعي ليست مجالا للمزايدات “بل نابعة من حوار اجتماعي جاد ومؤسس، يناقش القضايا بعمق ويعطي نتائج ملموسة”، وأضاف “الحكومة قامت بالحوار الاجتماعي بمنطق الاستحقاق، وهؤلاء الموظفون والمستخدمون يستحقون ما قامت به الحكومة، ولم تخضعه لمنطق الكسب أو الجني أو تقدم به خدمة لأحد ما، أو حتى لمن قالوا إنها رشوة لأحد ما”.

وأضاف أن “الحكومة ليس لديها هذا المنطق، المنطق الذي يسكن الحكومة هو كيف نحسن وضعيات خاصة بموظفين نظرا لإصلاحات قامت بها بالمجال الضريبي وحقق عائدات ضريبية جديدة”.

وشرح قائلا “بعد الإصلاحات الضريبية؛ الضريبة على القيمة المضافة، والضريبة على الدخل وعلى الشركات، بدون أن نضيف ضريبة جديدة، بل على العكس، خفضنا عددها ووسعنا من الوعاء الضريبي، ودفعنا المقاولات لتأدية ضرائبها، ما مكننا من عائدات، وهذه إجراءات قمنا بها منذ قانون مالية لسنة 2022، وكلها كانت تُنتقد”.

واسترسل “يبدو أن ما قامت به الحكومة هو الأصلح، لأنه في ظرف 3 سنوات ضخت عائدات إضافية بحوالي 116 مليار درهم، وبها رفعت ميزانية التعليم والصحة، ومنحنا بها الدعم الاجتماعي للمحتاجين، وأيضا التغطية الإجبارية لمن كانوا في نظام راميد”، مضيفا “ما تبقى من هذه العائدات ضخّ في الحوار الاجتماعي، بمعنى أن الحكومة دبرت إمكانيات مالية جديدة بدون ضرائب جديدة، وأدخلت الإيرادات الجديدة ووزعتها بعدل، قسط للموظفين، وقسط الحماية الاجتماعية، وقسط لتنزيل الدولة الاجتماعية، وقسط للحوار الاجتماعي، وقسط آخر للمؤسسات مثل المكتب الوطني للكهرباء حتى تظل الأسعار في متناول المواطنين”.

وبخصوص بعض الفئات التي ظلت ملفاتها خارج الحوار الاجتماعي، أوضح الناطق الرسمي باسم الحكومة أن “المتصرفين والمهندسين وطبعا بعض الفئات الأخرى، خاصة مستخدمي الجماعات الترابية، كلها كانت حاضرة في الجولة الأخيرة من الحوار الاجتماعي، وتم الاتفاق على أننا يجب أن نباشر هذه الملفات في إطار الحوار المفتوح مع النقابات”.

وشدد على أن الحكومة “تنصت وتستمع، والهدف كلما كانت الإمكانية أن نحقق مكاسب جديدة في إطار ما هو ممكن والتوازنات والإمكانيات المتوفرة”، مؤكدا أن “الحكومة لن تتردد بل العكس، الحكومة تؤمن بأن الحوار فضيلة، وأن هؤلاء الموظفين جميعا هم أيضا شركاء في الإصلاحات التي نقوم بها، فلا يمكن أن نصلح كل هذه القطاعات ومعنا أناس لا يحسون أنهم جزء من الحل وأننا نحتاجهم فقط في مباشرة الأوراش”.

وبخصوص الاقتصار على ثلاث مركزيات نقابية في الحوار الاجتماعي، أكد مصطفى بايتاس أن “من يريد الديمقراطية عليه أن يقبلها كاملة، لأن هناك الاستحقاق”، مردفا ” لحكومة الحالية لم تكن من أجرى انتخابات المأجورين، جئنا ووجدناها أجريت وأفرزت ما أفرزت، وبناء على القوانين المنظمة والمرسوم ومدونة الشغل، المشاركة في الحوار الاجتماعي محدد ومضبوط”.

وشدد المسؤول الحكومي على أن “الحكومة تتعامل مع النقابات التي تتوفر على النسبة المسموح بها لتمثل الأجراء، وهذا فيه إشارة مهمة، ومن لا يعجبه القانون عليه بالمطالبة بتغييره”، مستدركا “لكن هذا لا يمنع أن قطاعات كثيرة تستمع إلى نقابات ليس لديها تمثيلية، لكن مؤسسة الحوار الاجتماعي كنا واضحين فيها، من يتوفر على التمثيلية الكافية ليجلس مع الحكومة سيجلس”.

وفيما يتعلق بمطالب النقابات بالزيادة في الأجور، شدد بايتاس على أنه من الطبيعي أن تكون لدى النقابات طموحات كبيرة، وهو ما يثري الحوار الاجتماعي، مؤكدا أن الحكومة تحيي العمل التأطيري والتفاوضي الذي تقوم به النقابات، وتعتبره مساهمة فعالة في تطوير المؤسسات.

وذكر بايتاس بأن الحكومة شرعت في تنفيذ الشطر الأول من الزيادات العامة في الأجور، على أن يتم تفعيل الشطر الثاني في يوليوز المقبل بقيمة 500 درهم، مشيرا إلى أن هذا الالتزام سيُنفذ في وقته، ضمن مسار متواصل من الإصلاح الاجتماعي والحوار مع الفرقاء.

عن أسيل الشهواني

Check Also

الدريوش توضح بخصوص جدل “دعم الرخويات”: ليس ماليا واعتماداته دولية

خرجت كتابة الدولة المكلفة بالصيد البحري عن صمتها، بعد تداول العديد من المواقع ووسائل التواصل …

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *