قراءة كتاب قد يكون فيها الشفاء الناجع، وهو نمط من العلاج يطلق عليه «الببليوثرابيا» أي العلاج بالقراءة.
وتعتبر القراءة مصدرًا للمتعة والتنمية الشخصية، إلا أن معالجين نفسيين بدأوا مؤخرًا يعتمدون على الأدب ليس فقط للترفيه، بل كوسيلة علاجية فعّالة.
ووفقا لموقع “USA Today”، يُعرف هذا النهج باسم “العلاج بالقراءة”، ويؤكد المتخصصون أنه يوفّر فوائد ملموسة للصحة النفسية، إذ يساعد الأفراد على استكشاف مشاعرهم، وفهم تجاربهم الحياتية، والتعامل مع الصدمات النفسية.
صيدلية الشعر
في طليعة هذا التوجّه المتنامي، ظهرت إميلي رامبل، وهي أخصائية اجتماعية ومعالجة نفسية مرخّصة تقيم في نيويورك واكتشفت مفهوم العلاج بالقراءة لأول مرة خلال دراستها في لندن ، عندما زارت “صيدلية الشعر” الشهيرة، التي توصي بكتب تتوافق مع الحالة الشعورية أو المزاجية للزائر.
ومنذ ذلك الحين، وخلال أكثر من عقد من الزمن، أدرجت رامبل الأدب كأداة أساسية في جلساتها العلاجية.
وقد أصدرت مؤخرًا كتابًا عرضت فيه رؤيتها وتجربتها، مؤكدة أن السرد القصصي لطالما شكّل وسيلة لفهم الذات والماضي واستشراف المستقبل.
ما هو العلاج بالقراءة؟
يعتمد هذا النوع من العلاج على تقاليد سردية قديمة، ويُعد وسيلة للتأمل الذاتي واستكشاف العواطف .
وفي السياق العلاجي، قد يوصي المعالج بقراءة رواية، أو سيرة ذاتية، أو ديوان شعري، أو مناقشة كتاب أثّر بالمراجع سابقًا، والفكرة المحورية، بحسب رامبل، هي توظيف الأدب لتعزيز الوعي النفسي وتحفيز الفهم العميق للذات.
وتقول رامبل: “هل سبق لك أن قرأت كتابًا وكأنه يقرؤك؟ هذه هي بالضبط تجربة العلاج بالقراءة”.
وأشارت مراجعة منهجية نُشرت عام 2017 إلى أن العلاج بالقراءة فعّال في التخفيف من أعراض الاكتئاب، خاصة على المدى الطويل. وتوضح رامبل أن العملية تمر عادة بأربع مراحل:
تأثير القراءة والموسيقى على صحة كبار السن:
ذكر مختصون أن القراءة والموسيقى يلعبان دورا هاما على صحة كبار السن
وأشارت رامبل إلى أنها استعانت بالأدب لمساعدة مرضاها في مواجهة تقلبات سن اليأس، واكتشاف هويتهم الجنسية، والتعامل مع القلق والاكتئاب، والتعافي من مشاعر الهجر.
وأضافت: “القراءة تجبرنا على التباطؤ… ومواجهة أنفسنا بصدق”.
القراءة الواعية
ولدمج العلاج بالقراءة في الحياة اليومية، نصحت رامبل بتخصيص أوقات منتظمة للقراءة، سواء قبل النوم، أو أثناء التنقل، أو خلال استراحة الغداء، وتوصي باستخدام الكتب الصوتية لمن لديهم جداول مزدحمة.
ودعت أيضًا بحمل كتاب دائمًا، ويفضّل أن يكون ديوان شعر، لما يمنحه من لحظات تأملية مركزة.
وحثت على إنشاء “ركن كتب بجانب السرير” يضم نصوصًا مغذية للروح، مثل الكتابات الدينية أو دفاتر التأمل أو روايات محببة، لتكون بديلًا عن التصفح الليلي المفرط على الهاتف.
كما تشير إلى أن الانضمام إلى نادٍ للقراءة أو المشاركة في جلسات قراءة صامتة قد يضفي بعدًا اجتماعيًا يعزز الأثر العلاجي.
أداة مهمة في تربية الأطفال
ولا يقتصر العلاج بالقراءة على البالغين فقط، فكتب الأطفال الغنية بالعاطفة تسهم في تعزيز مهاراتهم النفسية والاجتماعية منذ الصغر.
وأوضحت رامبل أن قصص الأطفال تُنمّي احترام الذات وتعزّز الثقة بالآخرين.
وقالت إنه: “عندما نبني شخصية الطفل، فإننا نبني في الوقت ذاته وعيه العاطفي وسرديته الذاتية”.
نهج هادئ لكنه فعّال
وفي عالم تتسارع فيه وتيرة الحياة ويغلب عليه هاجس الإنتاجية، يوفّر العلاج بالقراءة لحظة تأمل ضرورية، وتوضح رامبل: “القراءة تدفعنا إلى تجسيد ذواتنا… ومواجهة حقيقتنا بشجاعة”.
ورغم اعتقاد الكثيرين أن العلاج يحدث فقط داخل العيادات، تُظهر تجربة رامبل أن رحلة الشفاء قد تبدأ بين صفحات كتاب، أو في بيتٍ شعري يأتي في اللحظة المناسبة.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news