المبادرة الأطلسية تعيد هندسة الساحل وتنتشله من الهشاشة لتكوين مناعة ذاتية

أكد كمال الهشومي، أستاذ العلوم السياسية بكلية الحقوق أكدال بالرباط، أن المبادرة الملكية الأطلسية تصنع معادلة جديدة تحول الساحل المعزول إلى الأطلسي المفتوح، ومن الهشاشة المستوردة إلى المناعة الذاتية المنتجة، دون أن يطرأ على معناها أي تغيير أو نقصان.

وأبرز الهشومي في كلمته خلال المؤتمر الدولي الأول المنظم أيام 28 و29 و30 أبريل الجاري بالعيون والسمارة وبوجدور، أن المبادرة الأطلسية ليست مشروعا تقليديا، بل معادلة تحولية تعيد صياغة بنية الإقليم”، شارحا أنها “من جهة، تفتح الساحل على فضاء المحيط الأطلسي، فتخرجه من عزلته التاريخية وتمنحه القدرة على التفاعل الفعّال مع التجارة البحرية والأسواق الدولية، ومن جهة أخرى، تعيد تعريف مفهوم الهشاشة؛ فتجعله نقطة انطلاق لبناء مناعة ذاتية تنتج التنمية والاستقرار من داخل المجتمعات المحلية عبر تنمية اقتصادية وأمن استباقي وثقافة معتدلة”.

وأشار الأكاديمي عينه إلى أن هذه المعادلة تنتج عنها تحولات استراتيجية عميقة في خريطة القوى الإقليمية؛ فشبكات التواصل الجديدة تحل محل الارتباط الأحادي، ويبرز محور مغربي-ساحلي-أطلسي قادر على موازنة النفوذ الأجنبي غير المتوازن، كما يصبح المحيط الأطلسي الإفريقي واجهة دولية للطاقة والموارد، ويبرز المغرب فاعلا وسيط بين إفريقيا وأمريكا اللاتينية، مما يعيد رسم أطر التعاون والشراكات العابرة للقارات.

وأوضح أن هذه المعادلة الجديدة تواجه تحديات متعددة، منها هشاشة البنى التحتية الأمنية أمام التهديدات العابرة للحدود وتصاعد الصراع الدولي على النفوذ في الإقليم، مستطردا “غير أن في مواجهة هذه المخاطر فرصا كبيرة، أبرزها إمكانية بناء مجال أطلسي إفريقي مشترك يرتكز على مبدأ المصالح المتبادلة، وتعميق الشراكات الاقتصادية والأمنية بين المغرب ودول الساحل، مما يعزز الاستقرار والتنمية المشتركة”.

ويرى أن بناء هذه المعادلة الجديدة ينطلق من “تحرير الساحل من عزلته التاريخية والجغرافية، حيث تكسر المبادرة الأطلسية العلاقات العمودية التقليدية مع شمال المتوسط وتؤسس لشبكات تواصل أفقية داخل الفضاء الأطلسي الإفريقي”، مشيرا إلى أنه “بهذا تتحول دول الساحل من أطراف هامشية إلى فاعلين أساسيين في مجالات الطاقة والمواد الخام والتجارة البحرية، مما يعزز من قدرتها على صناعة قراراتها الاستراتيجية بنفسها في ظل التحولات الدولية”.

أما المناعة الذاتية المنتجة، وفق ما حدده الهشومي، فتنبني على ثلاثة أبعاد مترابطة، يتجلى أولها في التنمية الاقتصادية عبر فتح منافذ أطلسية حقيقية تسمح بدخول الدول الساحلية إلى الأسواق العالمية وتمكينها من استثمار مواردها، والبعد الثاني يتمثل في الهندسة الثقافية والدينية، حيث يعزز نموذج إمارة المؤمنين كإطار معتدل لإدارة الشأن الديني، مما يدعم السلام الاجتماعي ويحصّن المجتمع من التطرف.

أما البعد الثالث، يضيف المتحدث، فيتمثل في الأمن الوقائي الذي يركز على استباق المخاطر الأمنية ومواجهة التطرف والفوضى قبل انفلاتهما. وتتبادل هذه الأبعاد التفاعلية لتعزيز قدرة الإقليم على الصمود والتطور بشكل مستدام.

وأكد كمال الهشومي أن المبادرة الملكية الأطلسية هي رسالة للعالم أن المغرب لا ينخرط في سباق النفوذ بقدر ما يؤسس لنموذج استراتيجي قوامه أن مغرب المستقبل هو مغرب الأطلسي، ومغرب الأطلسي هو قاطرة إفريقيا الصاعدة.”

عن أسيل الشهواني

Check Also

رئيس الحكومة  يترأس اجتماعا لتتبع تنزيل خارطة طريق قطاع التشغيل  – برلمان.كوم

الخط : A- A+ ترأس رئيس الحكومة عزيز أخنوش، اليوم الثلاثاء 29 أبريل 2025 بالرباط، …

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *