استنكر نواب برلمانيون تصاعد موجة الاعتداءات على الأساتذة والأطر التعليمية، معتبرين أن العنف دخيل على المدرسة المغربية، مشددين على ضرورة التدخل الجماعي لفهم أسباب الظاهرة ومحاصرتها.
واعتبر عبد العالي بروكي، النائب البرلماني عن الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية، في تصريح لجريدة “مدار21″، أنه “من المؤسف جدًا أن نشاهد مثل هذه الظواهر، من قبيل تعنيف الأساتذة أو التطاول عليهم، سواء داخل القسم، أو المؤسسة، أو حتى خارجها، لأن ما نعرفه هو أن الأستاذ كان، ولا يزال، قدوة في المجتمع، وكان الجميع يُكنّ له الاحترام والتقدير”.
وشدد بروكي هذه الظاهرة تتداخل فيها عدة عناصر، وتتطلب تدخل الأسرة والإدارة التربوية والمجتمع ككل، من أجل إعادة الاعتبار للأستاذ وصورته داخل المجتمع. فالأسر تُربي، والأستاذ يُتمّم هذه التربية ويُعلّم، “هي حلقة مترابطة لا يمكن فصلها”.
واعتبر أن الأسرة يجب أن “تؤدي دورها في تربية الأبناء على احترام الأستاذ باعتباره قدوة ونموذجًا، لأنه بدون تعليم، لا يمكن لأي مجتمع أن يتقدم”.
ومن جهتها، قالت نزهة مقداد، عضو فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب، “نتوجه بتعازينا لعائلة الأستاذة هاجر، ومن خلالها إلى كافة أفراد الأسرة التربوية، إزاء هذه المأساة التي ألمّت بالقطاع”، مفيدة أن “ما أصبحنا نراه من عنف داخل أو بمحيط المدرسة يدق ناقوس الخطر، وتعنيف الأساتذة، أمر دخيل على المدرسة المغربية التي كانت دائمًا تقدر الأستاذ وتمنحه قيمته”.
وأشارت مقداد إلى أن “ما نراه اليوم مؤسف، ويجب أن نضع أيدينا على مكمن الخلل ونراجع المنظومة التعليمية ككل، بما في ذلك دور الأسرة في التربية”، موضحة أنه “حين يبلغ الأمر أن تلميذًا يُعنّف أستاذه أو أستاذته، فذلك يدق ناقوس الخطر حول الأجيال الناشئة التي يجب إيلائها الأهمية”.
وبدوره أكدت نعيمة الفتحاوي، البرلمانية عن المجموعة النيابية للعدالة والتنمية، “تأسفنا كثيرًا ما شهدناه من عنف ممارَس على نساء ورجال التعليم، بل وعلى التلاميذ فيما بينهم، وأحيانًا حتى على مديري المؤسسات التعليمية”، موردة أنه “في السابق، كانت هذه الحوادث تُعالج بطرق بيداغوجية، ويتم إدماج التلاميذ من جديد، أما اليوم فنحن نشهد خروجًا عن كل الضوابط التربوية”.
ونبهت الفتحاوي، في حديثها لـ”مدار21″، إلى أن الأساتذة أصبحوا “يتلقّون تهديدات بالرسائل، أو بالأسلحة البيضاء، أو بالكلام النابي”، مشددة “وما رأيناه مع الأستاذة الشهيدة هاجر، التي تحدثت بكلمات مؤثرة بعد معاناتها الطويلة مع الجراح، يجعلنا نُصاب بالذهول: كيف لأستاذ أو أستاذة أن يُوضع في مثل هذا الموقف؟”.
وتابعت بأنه لذلك طالب المجموعة النيابية بانعقاد لجنة بحضور وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، “لبحث هذا الموضوع والوقوف عند تدخلات مختلف الفاعلين”، موردة أن “الأمر لم يعد يُحتمل؛ هناك من يُدخل المخدرات إلى الأقسام، ويُهدد الأستاذة، ويبتزهم في نقط المراقبة المستمرة، بل حتى خلال حراسة امتحانات الباكالوريا يتعرض الأساتذة للتهديد”.
وشددت “نحن أمام ثلاث مكونات أساسية: الأستاذ، التلميذ، والمؤسسة. ويجب معالجة هذا الوضع بمقاربة شاملة. ولا نريد أن نستمر في معالجة الأمور فقط عبر العنف أو المحاكم، بل يجب أن نضع رؤية شاملة لمواكبة الشباب والطلبة، ونفهم ما الذي يدفعهم نحو هذا النوع من العنف؟”.
وتسائلت الفتحاوي “هل للأمر علاقة بمحتوى وسائل التواصل الاجتماعي؟ هل هناك تسيب داخل المؤسسات؟ هل هناك غياب للضبط والمراقبة خارج أسوار المدرسة؟ كلها أسئلة تستوجب تدخلًا جماعيًا، لأن وزارة التربية الوطنية لا تتحمل وحدها مسؤولية العنف”.
وأشارت إلى أن “العنف يُمارس اليوم بقوة، والناس بدأوا يخشون على أنفسهم وعلى أبنائهم وأقاربهم. ولهذا نُناشد جميع الجهات أن تتدخل: المجتمع المدني، وزارة الداخلية، السلطات الأمنية… حتى تستعيد المدرسة المغربية هيبتها، ويستعيد رجال ونساء التعليم كرامتهم”.