مجالس إدارة الشركات في السعودية تضم مختلف الأعمار والخلفيات لتشجيع الابتكار

 

دبي – خاص

يعزز تنوع مجالس الإدارة القدرة على الابتكار بفضل تعدد وجهات النظر، مما يجعله ضرورة حيوية، خصوصاً في ظل التقلب الكبير في المشهد التجاري الذي يفرض على المجالس التعامل مع فرص تجارية وتحديات أوسع نطاقاً.

ويمكن لمجالس الإدارة في المملكة العربية السعودية تحقيق التنوع من خلال استقطاب مرشحين من مختلف القطاعات والفئات العمرية والخلفيات الثقافية. تقول  مليحة جيلاني، شريك في مكتب هايدريك آند سترجلز في دبي، ورئيس قسم ممارسات التأثير الاجتماعي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا:” يجب أن تزيد مجالس الإدارة من استثمارها في تخطيط التعاقب الوظيفي بشكل مستمر واستباقي، بما في ذلك تنفيذ برامج مثل التدريب أثناء العمل، لتمكين القادة الشباب من تطوير المهارات اللازمة لتولي مناصب الحوكمة في المستقبل.

ويعد التحقق الدوري من توافق خبرات الأعضاء مع احتياجات الأعمال المتغيرة من العوامل الأساسية للنجاح، مما يتيح ضم أعضاء جدد يتمتعون بالكفاءات المناسبة أو الخلفيات المطلوبة في التوقيت المناسب لقيادة المنظمة نحو المستقبل.

  • ولكن ما هي التحديات الرئيسية التي تواجه مجالس الإدارة في المملكة عند محاولة زيادة نسبة تمثيل المرأة والأجانب؟

يبرز تقرير Board Monitor Saudi Arabia الذي أصدرته شركة “هايدريك آند سترغلز” أهمية التركيز على تنوع الجنسيات والنوع الاجتماعي بين أعضاء مجالس الإدارة. وأشار التقرير إلى أن نسبة تعيين النساء وغير السعوديين كأعضاء في مجالس الإدارة تساوت عند نسبة 8% فقط في عام 2023. وتعود صعوبة تعزيز تمثيل هذين الجانبين في مجالس الإدارة إلى عدة أسباب، تشمل العوامل الثقافية والاجتماعية عمليات الحوكمة المؤسسية التقليدية، وتوفر قاعدة محدودة من النساء والمغتربين ذوي الخبرة السابقة في عضوية مجالس الإدارة، بالإضافة إلى تفضيل تعيين أعضاء من شبكات معارف مألوفة.

ويتطلب تخطي هذه التحديات تخطيطاً مدروساً للتعاقب الوظيفي ووضع أطر تنظيمية تشجع على التنوع في تعيين أعضاء مجالس الإدارة.

ونتطلع إلى زيادة عدد النساء اللواتي يشغلن مناصب قيادية عليا، في ظل رؤية السعودية 2030 التي تدعم تمكين المرأة وزيادة فرصها في سوق العمل، حيث يزيد تمثيل النساء في هذه المناصب من دورهن كنماذج يُحتذى بها، مما يسهم في زيادة نسبة النساء في الأدوار القيادية في المؤسسات.

  • ما هي الخطوات التي يمكن أن تتخذها مجالس الإدارة  في المملكة العربية السعودية لتحقيق التوازن بين الرقابة الاستراتيجية والإدارة اليومية،  وضمان كفاءة عمل فرق القيادة؟

أشار تقرير Board Monitor Saudi Arabia لعام 2024 الذي أصدرته شركة “هايدريك آند سترغلز” إلى أن مجالس الإدارة في المملكة العربية السعودية تشارك بشكل أكبر في العمليات التشغيلية مقارنة بنظيراتها في سائر أنحاء العالم. ويظهر هذا التوجه بشكل واضح في السعودية والإمارات، حيث أفاد 47% من أعضاء مجالس الإدارة بأن زيادة المشاركة للمجلس تحدث بشكل متكرر، وهي نسبة تقارب ضعف المتوسط العالمي البالغ 25%، وتُعد الأعلى بين 20 سوقاً شملها الاستبيان.

تواجه مجالس الإدارة في المملكة العربية السعودية اليوم تحدياً دقيقاً يتمثل في تحقيق التوازن بين المشاركة في العمليات التشغيلية وتقديم التوجيه المناسب الذي يركز على المستقبل، حيث يتعين على مجالس الإدارة وضع أطر قوية توضح حدود الإشراف الاستراتيجي والتدخل التشغيلي لضمان المشاركة الفعالة والمساءلة. ويُعد إجراء حوارات مفتوحة وشفافة مع الإدارة لتحديد مستوى تدخل المجلس أمراً جوهرياً، كما يجب على الأعضاء تقييم مستوى تدخلهم بشكل مستمر لتحديد التوقيت والأسلوب المناسبين للتدخل، لضمان تحقيق التوازن والحفاظ على دور فعال في الحوكمة.

  • مع النمو السريع لتقنيات مثل الذكاء الاصطناعي، كيف يمكن لمجالس الإدارة السعودية التعرف على هذه الابتكارات ودمجها في استراتيجياتها المؤسسية؟

أشار تقرير Board Monitor Saudi Arabia لعام 2024 الذي أصدرته شركة “هايدريك آند سترغلز” إلى تزايد عدد القادة الذي يعتمدون على إمكانات الذكاء الاصطناعي في مؤسساتهم، حيث ازدادت النسبة من 76% في عام 2023 إلى 82%.

يحتاج قادة المؤسسات إلى تثقيف أنفسهم باستمرار حول التقنيات الناشئة وتأثيراتها، وتحديد المنهجيات الأمثل لاستخدام خبراتهم في الذكاء الاصطناعي، سواء من خلال دمجه في جميع وظائف المؤسسة، أو جعله وظيفة مستقلة، أو اعتماد منهجية تجمع بين المنهجيتين السابقتين. وتظهر خبراتنا ضرورة تقييم القادة لكيفية اعتماد تقنيات الذكاء الاصطناعي حتى الآن، وتحليل البنية الحالية لهذه التقنيات ضمن مؤسساتهم.

وتتبنى الشركات أساليب مختلفة لإدارة الذكاء الاصطناعي، استناداً إلى الأهداف الاستراتيجية ومدى توافق الهيكل الحالي مع هذه الأهداف، بحيث يشمل ذلك نموذجاً لامركزياً بالكامل يتم فيه دمج الذكاء الاصطناعي ضمن الوحدات المؤسسية، أو تكوين فرق متخصصة بالذكاء الاصطناعي كوحدات مستقلة. في حين تعتمد بعض الشركات نماذج شبه مدمجة، حيث يعمل قادة الذكاء الاصطناعي ضمن الوحدات المؤسسية، أو يتم تأسيس مراكز تميز للذكاء الاصطناعي تدعم مختلف الوظائف في المؤسسة.

ولتوجيه هذه المنهجيات، ينبغي على قادة المؤسسات الإجابة على الأسئلة التالية:

  • استراتيجية العمل: ما هي الأهداف الاستراتيجية التي سيساعدنا الذكاء الاصطناعي على تحقيقها؟
  • البيانات: من هي الجهة المسؤولة عن ملكية البيانات وضمان جودتها وإتاحة الوصول إليها؟
  • مبادرات الذكاء الاصطناعي: ما هي حالات استخدام الذكاء الاصطناعي التي تدعم أهدافنا، وأيها الأكثر أهمية؟
  • التنفيذ: ما هي الفرق التي ستعمل على تطبيق تقنيات الذكاء الاصطناعي، وهل ستعود مسؤولية متابعة المخططات للقيادات المؤسسية أم لخبراء الذكاء الاصطناعي؟
  • البنية التكنولوجية: من يدير البنية التكنولوجية في المؤسسة والعلاقات مع الموردين؟

ويجب على الشركات تحديد المنهجية الصحيحة وتقييم دور قائد عمليات الذكاء الاصطناعي وهيكل فريقه. وتشير الإحصائيات إلى أن نسبة قادة عمليات الذكاء الاصطناعي الذين تحت الإشراف المباشر للرئيس التنفيذي قد تضاعفت تقريباً منذ عام 2023، حيث ارتفعت من 17% إلى 31%. ويعزز العمل تحت الإشراف المباشر للرئيس التنفيذي من التأثير والأهمية، مما يسمح لفرص الذكاء الاصطناعي بالوصول السريع إلى مستوى مجلس الإدارة وتحقيق أقصى قيمة ممكنة.

  • ما هي المعايير التي يجب أن تأخذها مجالس الإدارة في الاعتبار عند تقييم الأعضاء الحاليين لضمان التوافق مع تطورات البيئة الاقتصادية والسياسية؟

تُعد المراجعة المستمرة لتوافق أعضاء مجلس الإدارة مع الاحتياجات التجارية المتغيرة أمراً ضرورياً لضمان فعالية مجالس الإدارة في السعودية.

وينبغي أن تقوم المجالس بتقييم أعضائها بناءً على خبراتهم في المجالات الحيوية لاستراتيجية الشركة المتطورة، مثل المخاطر الجيوسياسية والاستدامة والتكنولوجيا، إذ يتم إجراء تقييمات دورية لمدى مساهمة الأعضاء، وتوافقهم مع الأهداف التجارية، وقدرتهم على مواجهة التحديات الناشئة كجزء أساسي من تعزيز الأداء. كما تركز خطط تعاقب أعضاء مجالس الإدارة أيضاً على معالجة الفجوات في المهارات أو التركيبة الديموغرافية، لضمان بقاء المجلس مرناً وقادراً على التكيف مع الظروف الاقتصادية والسياسية المتغيرة.

يجب أيضاً أخذ قضية زيادة التزامات الأعضاء في أكثر من مجلس بعين الاعتبار، حيث يجب أن تعمل المجالس على تفادي زيادة التزامات الأعضاء في أكثر من مجلس ليتمكن الأعضاء ذوو الخبرة ذات الصلة من المساهمة بشكل فعال في المجالات المستقبلية، مثل النمو والتوسع الدولي، دون أن تتشتت جهودهم عبر عدة مجالس إدارة.

كما أن معايير تقييم أعضاء مجلس الإدارة لا زالت غير موحدة، إذ تعتمد على أولويات المؤسسة وما يتناسب مع احتياجاتها وأهدافها الاستراتيجية.

  • كيف يمكن ترجمة توصيات التقرير إلى سياسات عملية يمكن تطبيقها على مستوى الشركات والمؤسسات السعودية؟

لا شك أن جميع الاستراتيجيات الناجحة تستند على التخطيط القوي والمدروس، حيث يتطلب الوصول إلى قادة يتمتعون بالتوازن المناسب بين المهارات والخبرة والتنوع وقتاً وجهداً، لذا فإن تطبيق التوصيات عملياً يستدعي استثمارات ووضع أطر عمل متعددة السنوات لتجديد المجالس وتخطيط التعاقب الوظيفي.

نعمل في “هايدريك آند سترغلز” مع الشركات على تحديد تعريف دقيق لأدوار القادة، ونستخدمها لتقييم المرشحين داخلياً وخارجياً لضمان امتلاكهم المهارات المطلوبة. وذلك يتيح للشركات السعودية تعزيز هياكل الحوكمة الخاصة بها وتأمين استمراريتها، مما يقيها من الاضطرابات المفاجئة عند التحولات القيادية.

عن آمنة البوعناني

Check Also

دبي جنرال بروبرتيز تكشف عن مشروع ميوز مانشنز بقيمة تتجاوز 950 مليون درهم إماراتي

    دبي18 أبريل 2025 يسرّ شركة دبي جنرال بروبرتيز أن تعلن رسميًا عن إطلاق …

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *