واقعية الحكم الذاتي ترسخ شرعيتها الدولية بدبلوماسية هجومية ناعمة

تواصل الدبلوماسية المغربية حصد دعم متزايد واعترافات متتالية بجدية ومصداقية مبادرة الحكم الذاتي، التي تقدم بها المغرب سنة 2007 كحل سياسي للنزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية. وفي ظرف أيام معدودة، أعلنت ثلاث دول أوروبية دعمها الصريح للمبادرة المغربية، مشيدةً بواقعيتها واعتبارها الأساس الأنسب لتسوية هذا النزاع.

وفي زغرب، أكدت كرواتيا، اليوم الأربعاء، أن مخطط الحكم الذاتي المغربي يشكل “أساساً متيناً” لتسوية النزاع حول الصحراء المغربية، معتبرة إياه “جهداً جاداً وذا مصداقية”.

جاء ذلك في إعلان مشترك عقب لقاء بين بوريطة ووزير الخارجية الكرواتي غوردان غرليك-رادمان، حيث شددت كرواتيا على دعمها الدائم للعملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة، وأكد الوزيران مجدداً دعمهما للقرار 2756 (2024) الصادر عن مجلس الأمن، الداعي إلى إيجاد حل واقعي وعملي ودائم قائم على التوافق.

وكذلك في العاصمة الإستونية تالين، جددت إستونيا التأكيد على دعمها لمخطط الحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب في أبريل 2007 لتسوية قضية الصحراء المغربية. معتبرة وعلى لسان وزير شؤون خارجيتها مخطط الحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب لتسوية قضية الصحراء “أساسا جيدا، وجادا، وموثوقا لحل متوافق بشأنه بين الأطراف”.

وفي الاتجاه ذاته، أعربت مولدافيا، في اليوم نفسه، عن دعمها الكامل لمخطط الحكم الذاتي المغربي، واصفة إياه بـ”الأساس الأكثر جدية ومصداقية” لتسوية النزاع. وجاء ذلك في إعلان مشترك أعقب مباحثات بين وزير الخارجية المغربي ونظيره المولدافي ميهاي بوبشوا بالعاصمة تشيسيناو. وشدد الجانبان على حصرية رعاية الأمم المتحدة للعملية السياسية، وجددت مولدافيا تأكيدها على دعمها للمبعوث الشخصي للأمين العام، وجهود بعثة المينورسو.

عبد العالي سرحان، الباحث في العلوم السياسية، اعتبر أن التحركات الدبلوماسية الأخيرة للمغرب تعكس استراتيجية واضحة تهدف إلى تعزيز الاعتراف الدولي بمبادرة الحكم الذاتي كحل جدي وواقعي للنزاع المفتعل. مسجلا أن ما يميز هذه الجهود هو الانتقال من مجرد الدفاع عن موقف سيادي إلى اعتماد دبلوماسية هجومية ناعمة، تعتمد على توسيع دائرة الحلفاء، واستثمار العلاقات الثنائية لتكريس الشرعية الدولية للمبادرة المغربية.

وقال إن الدعم المتوالي من دول أوروبية مثل كرواتيا، مولدافيا، وإستونيا، يعكس تطورًا في مواقف دول كانت إلى وقت قريب محايدة أو غير منخرطة بوضوح في هذا الملف، مبرزا أن هذا التحول لا يمكن فصله عن المكانة المتنامية للمغرب في إفريقيا كفاعل اقتصادي وسياسي، وعن دوره المتوازن في ملفات الأمن والهجرة والطاقة، مما جعله شريكًا استراتيجيًا ذا مصداقية لدى العديد من العواصم الأوروبية.

كما أشار في تصريح مقتضب لجريدة “مدار21” الإلكترونية، أن ربط هذه الدول دعمها للحكم الذاتي بقرارات مجلس الأمن، وخاصة القرار 2756، يُظهر تناغمًا مع المرجعية الدولية ويُعزز الموقف المغربي أمام المنتظم الأممي. فالدعوة المتكررة إلى حل “واقعي، عملي ودائم” قائم على التوافق، تضعف الخطاب الانفصالي وتدعم فكرة أن الحكم الذاتي يشكل الإطار الأمثل والوحيد لتسوية النزاع دون المساس بالوحدة الترابية للمملكة.

وخلص سرحان إلى أن هذه الاعترافات ليست مجرد مكاسب ظرفية، بل هي جزء من تراكم دبلوماسي مغربي طويل المدى. وإذا استمر المغرب في تنويع شركائه وتعزيز ربط المصالح الاقتصادية والاستراتيجية بمواقفه السياسية، لافتا إلى أن ميزان المواقف الدولية بدأ يميل بوضوح أكثر في اتجاه دعم مبادرة الحكم الذاتي، مما قد يهيئ الأرضية لتنزليها على أرض الواقع.

عن أسيل الشهواني

Check Also

لشكر يرفض الإبتهاج بإحاطة دي ميستورا ويطالب بطرد البوليساريو من الاتحاد الإفريقي

في سياق مواصلة النقاش حول تطورات ومستجدات ملف الصحراء، قال دريس لشكر، الكاتب الأول لحزب …

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *