كشف عبد اللطيف وهبي، وزير العدل، أن الوزارة منفتحة على مناقشة إمكانية تطوير مقتضيات مدونة الأسرة “بما يضمن الإقرار الصريح بقيمة العمل المنزلي كعنصر من عناصر تنمية الثروة الأسرية، وإقرار التعويض عنه عند الانفصال، وفق مقاربة عادلة وواقعية”.
جاء هذا خلال ندوة دولية حول “الاعتراف بقيمة العمل المنزلي واحتسابها في حالات الطلاق-تجارب مقارنة”، نظمتها، اليوم الثلاثاء بالرباط، وزارة العدل بشراكة مع الاتحاد الأوروبي ومجلس أوروبا في إطار برنامج التعاون الثلاثي MA-JUST.
وقال عبد اللطيف وهبي إن “موضوع الاعتراف القانوني والاقتصادي بالعمل المنزلي غير المدفوع الأجر للزوجة، يحتل موقعاً محوريا ضمن النقاشات المجتمعية والحقوقية، ليس فقط لما يكتسيه من أبعاد رمزية مرتبطة بإنصاف النساء، ولكن أيضاً لما يحمله من رهانات اقتصادية وتنموية كبرى”.
وأكد وهبي أن “العمل المنزلي، الذي ظل لعقود حبيس النظرة التقليدية كونه “واجباً طبيعياً” مفروضاً على النساء، هو في الواقع دعامة أساسية للاستقرار الأسري، وعامل محدد في إنتاج الثروة وحفظ التماسك الاقتصادي”، مشددا “اليوم، ونحن نعيش تحولات كبرى تطال البنية الاقتصادية والثقافية والاجتماعية على الصعيدين الوطني والدولي، لم يعد مقبولا أن يستمر تجاهل هذا الدور الجوهري للنساء في صلب المنظومة الإنتاجية”.
وأكد المسؤول الحكومي أن “المملكة المغربية، تولي أهمية متزايدة لقضية الإنصاف الاقتصادي للمرأة”، مشيرا إلى هذا الورش يأتي “في سياق المراجعة الشاملة والعميقة التي أطلقها المغرب لمدونة الأسرة، بهدف ترسيخ مقومات العدالة والمساواة وضمان كرامة جميع أفراد الأسرة، وفي مقدمتهم النساء والأطفال”.
وتابع وهبي: “إننا في وزارة العدل، واعون بأن إقرار المساواة الفعلية لا يمر فقط عبر النصوص، بل أيضاً عبر إعادة الاعتبار للعمل غير المرئي الذي تقوم به ملايين النساء في بيوتهن”، مشددا على أنه “من هذا المنطلق، فإن المادة 49 من مدونة الأسرة، كما هي اليوم، تطرح إشكالية حقيقية، من خلال ربطها توزيع الأموال المكتسبة أثناء الزواج بوجود اتفاق مسبق بين الزوجين، وهو أمر نادراً ما يتحقق في الواقع، مما يضعف من أثرها الحمائي”.
وأورد أن “الاعتراف بالعمل المنزلي ليس فقط ضرورة قانونية، بل هو أيضاً التزام دستوري وأخلاقي، يندرج في صلب التزامات المغرب الدولية، لاسيما اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، والاتفاقيات ذات الصلة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية”.
ولفت وهبي إلى أن “هذا الاعتراف يجد جذوره في الذاكرة القانونية والاجتماعية المغربية، حيث كرّست بعض الأعراف الأمازيغية مبدأ “الكد والسعاية”، الذي يعترف للزوجة بحقوقها في الثروة المكتسبة، وأيّده عدد من العلماء والفقهاء في انسجام تام مع مقاصد الشريعة الإسلامية”.
واعتبر أن تنظيم هذه الندوة اليوم، بتعاون مع الشركاء الدوليين، مناسبة لتقاسم التجارب والخبرات المقارنة، والاستفادة من النماذج الأوروبية التي قطعت أشواطاً متقدمة في هذا المجال، معربا عن أمله أن “تشكل مخرجاتها رافعة لدعم الحوار الوطني الجاري حول إصلاح مدونة الأسرة، وتطوير أدواتنا التشريعية بما ينسجم مع التوجهات الملكية السامية والتزاماتنا الحقوقية”.