راجيش ساكسينا، المدير التنفيذي لشركة “iGCB Intellect”
تشهد منطقة الشرق الأوسط حقبة تحولية في المشهد المصرفي، مدفوعة بكثافة عدد السكان المتعاملين مع المصارف وبموجات الابتكار في مجال التكنولوجيا المالية والخدمات المصرفية الرقمية. ومع معدل انتشار الخدمات المصرفية الذي يتجاوز 80% في دول مجلس التعاون الخليجي، تفتخر المنطقة بأكثر معدل سكاني في العالم من حيث التعامل مع المصارف. وبينما يشكل هذا الوضع أساساً متيناً ومزدهراً للمؤسسات المالية، إلا أن انتشار التكنولوجيا المالية والمصارف الرقمية يعكس أيضاً مشهداً تنافسياً حاسماً.
تشير البيانات الأخيرة إلى مسار تصاعدي في عدد الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا المالية في المنطقة، حيث تتخذ أكثر من 2,600 شركة تكنولوجيا مالية (فينتك) من الإمارات العربية المتحدة مقراً لها. يؤدي هذا الارتفاع، إلى جانب العدد المتزايد من المصارف الرقمية، إلى احتدام المشهد التنافسي. في الواقع، يمرّ القطاع المالي الآن بمنعطف حرج يدفع المصارف التقليدية إلى إعادة التفكير في استراتيجيات النمو وتدفق الإيرادات.
تحدّي تنمية الإيرادات
تواجه المصارف في الشرق الأوسط تحدّيات مختلفة عند محاولة تعزيز إيراداتها، خاصة وأن المنتجات المصرفية التقليدية، التي تعاني من التشبع التنظيمي والمنافسة في السوق، تقدّم سبلاً محدودة للنمو. تشمل التحديات الأخرى الارتفاع المفاجئ في توقعات العملاء مدفوعة بتبني الخدمات الرقمية التي تتطلب خدمات مالية سلسة.
أحد الطرق الاستراتيجية التي تمكّن المصارف من توسيع آفاقها هو دخول أسواق جديدة واكتشاف فرص جديدة للإيرادات من خلال العروض المبتكرة. ومع ذلك، فإن تطوير منتجات وخدمات جديدة غالباً ما يتطلب استثمارات ضخمة وينطوي على خطر إطالة الوقت اللازم لطرح المنتجات في السوق في قطاع مالي سريع التطور.
التحول الاستراتيجي نحو التمويل المفتوح
للتغلب على تحدي تنمية الإيرادات، بادرت المصارف في الشرق الأوسط بتبني آلية التمويل المفتوح بشكل متزايد. من خلال التعاون مع أطراف ثالثة لتقديم الخدمات – بما في ذلك شركات التكنولوجيا المالية ومنصات التجارة الإلكترونية وهيئات الاتصالات – بدعم من واجهات برمجة التطبيقات التي تمكّن المصارف من الوصول إلى حلول مبتكرة وتجنب التغيرات الداخلية والتكاليف الهائلة.
تفتح آلية التمويل المفتوح الباب أمام المصارف لإنشاء نقاط اتصال جديدة للعملاء وتنويع عروضها ودمجها مع الخدمات الخارجية دون المساومة على التحكم بالبيانات والعمليات. كما أنها تقدم فرصة رئيسية للنمو مع الحدّ من الحاجة إلى الاستثمارات لإنشاء خدمات جديدة من الصفر.
ثلاث منظومات للتعاون كفيلة بخلق فرص جديدة
تجسد منظومة السوق مفهوم التمويل المفتوح بحق، حيث يمكن للمصارف استضافة منتجات مالية تابعة لأطراف ثالثة إلى جانب منتجاتها الخاصة، وبالتالي إثراء تجربة العملاء بمجموعة خدمات أكثر تنوعاً. بالنسبة للعملاء، يعني هذا الوصول إلى مجموعة كبيرة من الخدمات المالية تتراوح من التأمين إلى حلول الاستثمار في مركز واحد. وبالنسبة للمصارف، يعني هذا زيادة اختيار العملاء للمصرف ومشاركتهم، كما يعزز من ولائهم ومن تبادل العمليات.
- منظومة الإحالة
تشكل منظومة الإحالة وسيلة أخرى فاعلة لتحقيق الأرباح. تستفيد المصارف من إحالة العملاء إلى شركائها المعتمدين للحصول على خدمات غير مصرفية. وفي حين يجني المصرف رسوم الإحالة، يستمتع العملاء بحزمة خدمات أكثر تكاملاً مباشرة من مزود الخدمات المصرفية الموثوق به.
- منظومة الأطراف الثالثة
وأخيراً، تعزز منظومة الأطراف الثالثة من المشهد حيث تدمج المصارف خدمات خارجية في منصاتها. يجني العملاء مجموعة من الفوائد المختلفة من وراء ذلك، مثل حزم الاتصالات مع الخدمات المصرفية، مما يعزز من القيمة المقترحة ويفتح مصادر جديدة للدخل عبر الاشتراك أو مخططات الإيرادات المشتركة.
الدعم الحكومي والدفع نحو التحول الرقمي
لا يُعتبر الاتجاه نحو التمويل المفتوح في الشرق الأوسط مجرد ظاهرة مدفوعة بالسوق، بل تحولاً قوياً مدعوماً بالمبادرات الحكومية. تدعو الدول في جميع أنحاء المنطقة إلى التحول الرقمي في القطاع المصرفي، وهو ما تؤكده مبادرات مثل رؤية السعودية 2030 واستراتيجية الإمارات للتعاملات الرقمية (بلوك تشين). تعزز هذه المبادرات من الثقة في التمويل المفتوح وتؤكد أهمية مبادرة المصارف بتبني استراتيجيات ذكية تستشرف المستقبل في العصر الرقمي.
مع التعديلات التي تشهدها الأطر التنظيمية لصالح الخدمات المصرفية المفتوحة، أصبح المشهد مهيئاً للمصارف لعقد شراكات استراتيجية والاستفادة من التمويل المفتوح لصالحها.
تسريع التبني من خلال منصات المشاركة الرقمية
في مشهد الأعمال اليوم المتجه بشدة نحو التحول الرقمي، أصبحت منصات المشاركة جاهزة للتمويل المفتوح، مع أسواق واعدة تحفز تبني آلية التمويل المفتوح. تعمل حلول هذه المنصات الرقمية، مثل حلول “iGCB”، كحلقات وصل محورية بين المصارف وشركات التكنولوجيا المالية والعملاء، حيث تقدم تحليلات فورية وتعزز من إدارة علاقات العملاء وأدوات الاتصال، مما يمكّن المصارف من تقديم خدمات مصرفية كاملة تتراوح من الاتصالات إلى الفواتير الحكومية والمرافق والتأمين وغيرها الكثير، لتلبية كافة متلطبات العملاء.
ومع ذلك، عند الاستفادة من آلية التمويل المفتوح، يجب أن تأخذ المصارف في الاعتبار أهمية عقد شراكات استراتيجية، ووضع مؤشرات أداء رئيسية واضحة وأنظمة سلسة لإدارة الأداء ومعالجة مخاوف الأمن السيبراني. يساهم التعاون مع مزودي التكنولوجيا الخبراء مثل “iGCB” لتحقيق مشهد مزدهر من المشاركة الرقمية المدعومة بالتمويل المفتوح في الشرق الأوسط وأوروبا وأفريقيا إلى تسريع التنفيذ مع ضمان الأمان.
الخلاصة
تواجه المصارف في الشرق الأوسط تحديات مزدوجة متمثلة في المنافسة في مجال التكنولوجيا المالية ونمو الإيرادات. لهذا، تبرز أهمية يبرز تبني منصات مشاركة تدعم آلية التمويل المفتوح كضرورة استراتيجية. من خلال الاستفادة من هذه المنظومة التعاونية والمبادرات الحكومية الهادفة لتسريع التحول الرقمي في القطاع المالي، يمكن للمصارف تسخير واجهات برمجة التطبيقات الخاصة بها لتحقيق الدخل بشكل فعال، وتقديم عروض جديدة، واختراق قطاعات السوق غير المستغلة.