الحكومة تعمّق أزمة الغلاء وتعجز عن كبح ارتفاع الأسعار – برلمان.كوم

الخط :

عقدت المكاتب السياسية لأحزاب الحركة الشعبية، الحزب الديمقراطي الوطني، والحزب المغربي الحر اجتماعًا مشتركًا يوم الاثنين 24 مارس 2025، خُصّص للتداول حول الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في البلاد، وبلورة مبادرات عملية لأجرأة أهداف ميثاق التكتل الشعبي.

وجدد التكتل الشعبي انخراطه الفعّال والمستمر في الدفاع عن المصالح العليا للوطن، معبّرًا عن اعتزازه بالمكاسب الدبلوماسية المتواصلة في مجال تحصين الوحدة الترابية للمملكة، بفضل الرؤية الاستراتيجية والحكيمة للملك محمد السادس. وأكد أن هذه الرؤية رسّخت مصداقية المبادرة المغربية لحل النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، وذلك من خلال مقترح الحكم الذاتي، في إطار الجهوية الموسعة، تحت السيادة المغربية، وهو الطرح الذي يحظى بدعم متزايد في المحافل الدولية والقارية والإقليمية.

وفي بلاغ له، وبعد تقييم موضوعي لحصيلة عمل الحكومة قبل أقل من سنة ونصف على نهاية ولايتها، سجل التكتل الشعبي، بأسف شديد، فشل الحكومة الملموس في تحسين مؤشرات الاقتصاد الوطني، والحدّ من هشاشته البنيوية. كما أظهر التقييم عجز الحكومة عن ترجمة الأهداف الاستراتيجية للسياسات العامة، التي تحظى بإجماع مختلف مكونات المجتمع المغربي، إلى سياسات عمومية ناجعة وفعالة. بل إن الحكومة لم تستطع حتى تنزيل التزامات برنامجها الحكومي، رغم محدودية سقفه، حيث اختزلت سياستها الاقتصادية والاجتماعية في مقاربات تقنية محاسباتية قائمة على دعم غير منصف وغير مدروس، وعلى بدعة “التمويلات المبتكرة” غير المؤطرة قانونيًا، فضلًا عن نهج نسخة محوّرة للخوصصة، عبر التأسيس لخوصصة الخدمات الاجتماعية والاستراتيجية، وتوظيف الهوامش المالية دون دراسة للأثر، ما جعلها تفضّل تأجيل الأزمات بدل مواجهتها بحلول مستدامة.

وأشار التكتل الشعبي إلى أن الحكومة، بإجراءاتها المرتبكة، فتحت المجال لتغوّل اقتصادي يعزز تغوّلها السياسي، عبر تشريع تضارب المصالح، وتقديم دعم سنوي سخي للوبيات القطاعية، بعيدًا عن مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة.

وخلص التقييم إلى فشل الحكومة في الحدّ من إفلاس المقاولات، وفي تنفيذ برنامج إعادة إعمار مناطق زلزال الأطلس، كما عجزت عن إخراج خيار الجهوية المتقدمة من مربع التأسيس، بالإضافة إلى غياب أي سياسة لغوية منصفة للأمازيغية وباقي التعابير اللغوية والثقافية المجالية.

وفي السياق ذاته، سجل التكتل الشعبي عجز الحكومة الذريع في مواجهة الغلاء غير المسبوق للمواد الغذائية والسلع والخدمات، وتماطلها المقصود وغير المبرر في استخدام الآليات القانونية المتاحة لتسقيف أسعار المحروقات. كما انتقد سوء توظيف العائدات الضريبية التي تثقل كاهل المقاولات والمواطنين دون أي عدالة أو إنصاف، فضلًا عن اللجوء المتكرر إلى المديونية دون رؤية واضحة لخلق استثمارات منتجة ومنصفة مجاليًا، ما أدى إلى سوء توزيع الثروة بدل العمل على إنتاجها بشكل إبداعي ومستدام.

أما فيما يخص السياسة الفلاحية للحكومة، فقد وصفها التكتل الشعبي بالفاشلة، نظرًا لكلفتها المالية والمائية والمجالية المرتفعة، دون تحقيق مردودية تنموية حقيقية. والنتيجة أن المغرب، تحت هذا التدبير الحكومي المفتقر لأي بوصلة سياسية أو تنموية، يحتل أدنى المراتب في مؤشرات التنمية البشرية، محاربة الفساد، إصلاح التعليم، الحكامة، والحد من الفوارق الاجتماعية والمجالية. كما سجّل التقرير تراجع المغرب في مؤشر الابتكار العالمي، تطور الأعمال، وارتفاع البطالة إلى مستويات غير مسبوقة، نتيجة غياب أي مبادرة حكومية لإرساء دعائم التشغيل المستدام.

وأكد التكتل الشعبي أن الخروج من هذا النفق المسدود يستوجب إصلاحات هيكلية وبرنامجية فيما تبقى من عمر هذه الحكومة، التي تهيمن على مختلف مستويات التدبير وطنيًا، جهويًا، وإقليميًا، دون رؤية سياسية واضحة أو حسّ استباقي يتجاوز منطق تبرير الأزمات إلى معالجتها فعليًا. واعتبر أن أصل هذا الفشل يكمن في العقم السياسي للائتلاف الحكومي الحالي، الذي تأسس على معادلات انتخابوية رقمية، لا على مرجعية سياسية موحدة أو رؤية انتخابية متجانسة.

وقد أدى هذا الوضع إلى إجهاض رهان استعادة الثقة في الوساطة السياسية المؤسساتية، وتحويل المشاريع الكبرى والإصلاحات الاستراتيجية إلى صراعات داخلية بين مكونات الحكومة، بدل أن تكون آليات فعالة لتنزيل الدولة الاجتماعية. وأصبحت النتيجة سياسات انتخابوية بئيسة، قائمة على توزيع إعانات آنية بدل تقديم حلول حقيقية للمواطنين، مما جعل حقوق المغاربة في التشغيل والسكن اللائق والعيش الكريم مجرّد وعود عابرة لا أثر لها على أرض الواقع.

وفي ظل هذا الوضع، اعتبر التكتل الشعبي أن الحكومة عاشت أربع سنوات على وهم الانسجام المصطنع، لكنها اليوم، مع اقتراب الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، تلعب على حبلين، فهي تستغل منافع التدبير العمومي، وفي الوقت ذاته تحاول استنساخ صوت المعارضة في صراعاتها الداخلية. كما تعمل على تطويع الإعلام العمومي لتمرير رسائل انتخابوية، وتوظيف الملفات الاستراتيجية لتصريف أجندات حزبية ضيقة، بعيدًا عن مبادئ تكافؤ الفرص والتنافس السياسي النزيه.

وإزاء هذه الضبابية السياسية، وشلل العمل الحكومي، وعجزه التدبيري عن رسم مستقبل الجهات والجماعات الترابية، دعا التكتل الشعبي إلى استغلال ما تبقى من هذه الولاية الانتخابية لإجراء إصلاحات مؤسساتية وحقوقية حقيقية، غائبة عن أجندات الائتلاف الحكومي، ومن بينها:

فتح حوار وطني مؤسساتي موسّع حول إصلاح القوانين الجنائية والمسطرة المدنية، قبل تمريرها بمنطق الأغلبية العددية، ورفع التعتيم عن مآل مشروع مدونة الأسرة، وتسريع تنزيله بشكل منصف. وإعادة النظر في القوانين التنظيمية للجماعات الترابية، والقوانين الانتخابية، ومستقبل أنظمة التقاعد والتأمين ومدونة الشغل، في إطار نقاش وطني شامل، بهدف خلق شروط ملائمة لبلورة بديل سياسي وتنموي حقيقي

وختم التكتل الشعبي تقييمه بأن المغرب، وهو يستعد لاستضافة المونديال، يحتاج إلى حكومة برؤية واضحة، وليس إلى حكومة تعيش “حلم المونديال” دون استراتيجية تدبيرية، وتحول قضاياه الكبرى إلى مجرد حسابات انتخابوية ضيقة.

عن أسيل الشهواني

Check Also

الملك محمد السادس يتوصل ببطاقات تهنئة من ملوك ورؤساء وأمراء الدول الإسلامية بمناسبة حلول عيد الفطر المبارك

الخط : A- A+ بمناسبة حلول عيد الفطر المبارك، توصل الملك محمد السادس، بطاقات تهنئة …

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *