
الخط :
تستعد الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المغربية للاحتفال بذكرى مرور 250 عاما على إقامة علاقاتهما الدبلوماسية، وهي واحدة من أقدم العلاقات الرسمية في التاريخ الأمريكي. فقد كانت المملكة المغربية أول دولة تعترف باستقلال الولايات المتحدة في الأول من دجنبر عام 1777، حين بادر السلطان سيدي محمد بن عبد الله بفتح الموانئ المغربية أمام التجار الأمريكيين خلال حرب الاستقلال، مما شكل نقطة انطلاق لعلاقات متميزة استمرت حتى اليوم.
وفي خطوة تعكس عمق هذه العلاقة، قدم عضوا الكونغرس الأمريكي، براد شنايدر وجو ويلسون، مشروع قرار إلى مجلس النواب الأمريكي يعترف بالصداقة التاريخية بين البلدين، ويؤكد على أهمية الشراكة الاستراتيجية التي تربطهما، حيث جرى إحالة المشروع إلى لجنة الشؤون الخارجية لمناقشته، وهو الذي يشير إلى المحطات الرئيسية التي ميزت التعاون الأمريكي-المغربي، بدءا من معاهدة السلام والصداقة الموقعة عام 1787، والتي تعد أطول معاهدة دبلوماسية غير منقطعة في تاريخ الولايات المتحدة، مرورا بإهداء المغرب للمفوضية الأمريكية في طنجة عام 1821، والتي أصبحت أول ملكية دبلوماسية أمريكية في الخارج، وصولا إلى العلاقات الاقتصادية والأمنية والعسكرية التي تعززت بمرور السنوات.
ولطالما شكّل المغرب حليفا قويا للولايات المتحدة في قضايا الأمن الإقليمي، ومكافحة الإرهاب، والتعاون العسكري، حيث يشارك البلدان في تدريبات عسكرية مشتركة، من بينها مناورات “الأسد الإفريقي”. كما يتعاون الطرفان في مكافحة انتشار الأسلحة النووية، والاتجار غير المشروع بالأسلحة، وتعزيز المبادرات الأمنية في المنطقة. وعلى المستوى الاقتصادي، يظل المغرب الدولة الإفريقية الوحيدة التي تجمعها اتفاقية تبادل حر مع الولايات المتحدة، ما أسهم في توسيع المبادلات التجارية الثنائية منذ دخول الاتفاقية حيز التنفيذ عام 2006.
وإلى جانب التعاون الأمني والاقتصادي، لعب المغرب دورا بارزا في تعزيز قيم التعايش الديني، حيث أشار مشروع القرار إلى الجهود المغربية في حماية الجاليات اليهودية، والانخراط في الحوار بين الأديان، وتعزيز تعليم الهولوكوست. كما أشاد بالدور الحيوي الذي تلعبه الجالية المغربية-الأمريكية في تنوع النسيج الاجتماعي والثقافي داخل الولايات المتحدة.
ويؤكد مشروع القرار على أهمية استمرار التعاون في مختلف المجالات، بما في ذلك التحول الرقمي والمساعدات الإنسانية والتعليم، حيث يرتبط البلدان بعدد من المبادرات المشتركة مثل برامج فيلق السلام والتدريب على إدارة الكوارث والمشاريع الصحية. كما سلط الضوء على التزام المغرب بالمشاركة في الجهود الدبلوماسية الهادفة إلى تحقيق الاستقرار الإقليمي، خاصة في إطار اتفاقيات إبراهام.
ومع اقتراب الذكرى 250 لهذا التحالف التاريخي، يدعو مجلس النواب الأمريكي إلى تعزيز هذه العلاقة من خلال الاحتفاء بهذه المحطة الهامة والتأكيد على الأهمية الاستراتيجية والدبلوماسية التي يمثلها التعاون بين الرباط وواشنطن، باعتباره نموذجا ناجحا للعلاقات القائمة على الاحترام والمصالح المشتركة.