ترامب يوجّه بتفكيك وزارة التعليم تنفيذا لوعد انتخابي قطعه أمام أنصاره

الرئيس الأميركي دونالد ترامب يتجه نحو تفكيك وزارة التعليم الأميركية، تنفيذًا لوعد انتخابي قديم يقضي بإلغاء هذه المؤسسة، التي تعد هدفًا رئيسيًا للمحافظين منذ سنوات.

اعلان

وصف ترامب الوزارة بأنها بيروقراطية متضخمة ومشبعة بالأيديولوجيا الليبرالية، لكنه قد يواجه عقبات قانونية، إذ أن إغلاق الوزارة بالكامل يتطلب تشريعًا من الكونغرس، الذي أنشأها عام 1979.

وبحسب وثيقة رسمية صادرة عن البيت الأبيض، فإن الأمر التنفيذي سيوجه وزيرة التعليم ليندا مكماهون لاتخاذ “جميع الخطوات اللازمة” لإغلاق الوزارة وإعادة سلطة التعليم إلى الولايات، مع ضمان استمرار تقديم الخدمات التعليمية الأساسية.

ورداً على سؤال حول سبب تعيينه ليندا مكماهون وزيرة للتعليم طالما أنه ينوي التخلص من الوزارة، أجاب ترامب بالقول: “لأنني قلت لـ ليندا: آمل أن تقومي بعمل رائع وتنهي وظيفتك بنفسك. أريدها أن تضع نفسها خارج الوظيفة. وزارة التعليم، نحن في المرتبة 40 من بين 40 مدرسة، أليس كذلك؟”

وأكدت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، أن الوزارة ستُقلَّص بشكل كبير لكنها ستواصل إدارة القروض الطلابية الفيدرالية ومنح “بِل” للطلاب ذوي الدخل المنخفض، مضيفةً أن بعض المهام الأساسية مثل حماية الحقوق المدنية ستبقى قائمة، من دون تقديم تفاصيل واضحة حول كيفية تنفيذها.

جدل واسع ومعارضة من الديمقراطيين

وأثار هذا القرار انتقادات واسعة من المدافعين عن المدارس العامة، الذين يرون أن إلغاء الوزارة سيضر بالتلاميذ في المناطق الفقيرة والريفية. وعلّق ديريك جونسون، رئيس الرابطة الوطنية لتقدم الملوّنين وهي منظمة أمريكية تُعنى بالحقوق المدنية ديريك جونسون، قائلًا: “هذا يوم مظلم لملايين الأطفال الأمريكيين الذين يعتمدون على التمويل الفيدرالي للحصول على تعليم جيد.”

من جهته، اعتبر النائب الديمقراطي بوبي سكوت أن هذا القرار “خطير وغير قانوني”، محذرًا من أنه سيؤثر سلبًا على الطلاب ذوي الدخل المنخفض والأقليات وذوي الاحتياجات الخاصة، مشيرًا إلى أن الوزارة أُنشئت جزئيًا لضمان حماية الحقوق المدنية للطلاب، بينما يسعى الجمهوريون لإعادتها إلى “سلطة الولايات” في خطوة تعيد إلى الأذهان سياساتالفصل العنصري.

في المقابل، رحبت بعض المجموعات المحافظة بقرار ترامب، حيث قالت تيفاني جاستيس، الشريكة المؤسسة لـ”أمهات من أجل الحرية”: “انتهى عصر البيروقراطية المتضخمة التي تُملي على أطفالنا ماذا يتعلمون. الآن، الولايات والأسر ستقرر ما هو الأفضل.”

ولم يوضح البيت الأبيض بعد كيفية إلغاء الوزارة أو إعادة توزيع صلاحياتها، لكن الوزيرة مكماهون أكدت خلال جلسة استماع في مجلس الشيوخ أنها ستحافظ على برامج رئيسية مثل التمويل المخصص للمدارس ذات الدخل المنخفض، مشيرةً إلى أن الهدف هو إدارة تعليمية أكثر كفاءة.

مستقبل التمويل الفيدرالي والسلطة المحلية

تُشرف وزارة التعليم الأمريكية على 1.6 تريليون دولار من القروض الطلابية وترسل مليارات الدولارات سنويًا للمدارس والجامعات، إضافة إلى برامج دعم الطلاب المشردين والتكفل بوجبات المدارس. في حين أن الولايات والمقاطعات تتحكم فعليًا بالمناهج الدراسية، إلا أن بعض الجمهوريين يسعون لإزالة القيود المرتبطة بالتمويل الفيدرالي ومنح الأموال للولايات كـ”منح كتلية” لاستخدامها وفق تقديرها الخاص.

ومع ذلك، أثار هذا المقترح مخاوف من خفض التمويل للمؤسسات التعليمية الفقيرة والطلاب ذوي الإعاقة، حيث تعتمد بعض المدارس والجامعات بشدة على التمويل الفيدرالي، لا سيما من خلال منح الأبحاث والمساعدات المالية للطلاب.

ورغم تأييد الجمهوريين التقليدي لتقليص دور الحكومة الفيدرالية في التعليم، إلا أن بعضهم يشككون في قدرة ترامب على حل الوزارة من دون تدخل الكونغرس. ففي عام 2023، رفض 60 نائبًا جمهوريًا تعديلًا في مجلس النواب كان يهدف لإغلاق الوزارة. كما أن محاولات وزيرة التعليم السابقة بيتسي ديفوس تقليص ميزانية الوزارة وتحويل تمويل المدارس إلى منح كتلية باءت بالفشل بعد معارضة بعض الجمهوريين.

في الوقت نفسه، لم يتردد ترامب في استخدام سلطة وزارة التعليم للتأثير على سياساته الأخرى، حيث استغل مكتب الحقوق المدنية داخل الوزارة للضغط على المدارس والجامعات بشأن قضايا تخص مثلا مشاركة الرياضيين المتحولين جنسيًا في المسابقات النسائية، والنشاطات المؤيدة لفلسطين، وبرامج التنوع والشمول.

جدل حول نوايا ترامب الحقيقية

يرى البعض أن خطوة ترامب تهدف في المقام الأول إلى تعزيز سيطرته على التعليم بدلًا من تفكيك الوزارة بالكامل، حيث قالت السيناتورة الديمقراطية باتي موراي: “بينما يدّعي ترامب أنه يعيد التعليم إلى الولايات، فإنه في الواقع يحاول فرض مزيد من السيطرة على المدارس المحلية وتقييد حرية التدريس.”

في ظل هذه الانقسامات، لا يزال مستقبل وزارة التعليم الأمريكية غير واضح، لكن ما يبدو مؤكدًا هو أن معركة قانونية وسياسية ستدور في الكونغرس والمحاكم حول هذا القرار، في وقت تزداد فيه الضغوط على ترامب من خصومه السياسيين وحتى من بعض حلفائه داخل الحزب الجمهوري.

عن شريف الشرايبي

Check Also

خامنئي يرد على ترامب: التهديدات الأمريكية ضد إيران لن تجدي ولن تحقق أي نتائج

جاءت تصريحات خامنئي، ردًا على تحذير الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإيران بالتوقف عن دعم الحوثيين …

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *