الخط :
ظهر لحسن السعدي، كاتب الدولة المكلف بالصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، في مشهد يطرح أكثر من علامة استفهام، وهو يحمل تذكارات ورسومات تجسد شعار كأس العالم 2030 لكرة القدم خلال حضوره فعاليات المعرض الجهوي للصناعة التقليدية بالدار البيضاء، حيث كانت ترافقه عمدة المدينة نبيلة الرميلي وعدد من وجوه حزب التجمع الوطني للأحرار بجهة الدار البيضاء سطات.
وجاءت هذه الواقعة التي تبرز تطاول لحسن السعدي، الفتى المدلل لدى عزيز أخنوش، قبل يوم واحد فقط من مباراة المنتخب المغربي ضد منتخب النيجر في وجدة، وهي المباراة التي استعد لها أسود الأطلس في إطار برنامج تقوده الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، وهي الجهة الوحيدة المعنية بمتابعة ملف تنظيم المغرب لكأس العالم 2030، بتعيين ملكي يضع فوزي لقجع على رأس اللجنة المكلفة بهذا الحدث الكروي العالمي.
ويجب على لحسن السعدي أن يعيى جيدا، قبل إقدامه على مثل هاته التصرفات، أن الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم هي المؤسسة الشرعية التي تتابع وتدبر ملف مونديال 2030، بتوجيهات ملكية واضحة، ما جعل ظهوره في صور تروّج لهذا الحدث، وكأنه هو من يمثّل المغرب في هذا الملف، مما يثير تساؤلات جدية حول حدود صلاحيات كاتب الدولة المكلف بالصناعة التقليدية، وعما إذا كان ذلك مجرد اجتهاد شخصي أم جزءًا من توجه عام داخل حزب التجمع الوطني للأحرار لفرض حضوره في كل الملفات الحيوية.
إن مثل هذه التصرفات غير المعزولة نسميها تراميا على الاختصاصات، تأتي أيضا في سياق أوسع يعكس ما يبدو أنه سعي واضح لحزب الأحرار، بقيادة عزيز أخنوش، إلى بسط نفوذه على مختلف المؤسسات والقطاعات. ففي الوقت الذي ظهر فيه السعدي متطاولا على مهام الجامعة الملكية لكرة القدم، كان رئيس الحكومة عزيز أخنوش يترأس اجتماعًا يهم الاستثمارات الصينية في المغرب، وهو ملف من المفروض أن يشرف عليه وزير الاستثمار كريم زيدان.
ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل قبل أيام قليلة، ترأس أخنوش اجتماعًا يخص قطاع الصحة، ويهم تنزيل ورش الارتقاء بالمنظومة الصحية، تجسيدا للإرادة الملكية السامية، متجاوزًا بذلك اختصاصات وزير الصحة، وهو الأمر الذي يطرح تساؤلًا مشروعًا، مفاده، “إذا كان رئيس الحكومة ينوب عن الوزراء في اختصاصاتهم، فلماذا تم تعيينهم من الأصل؟”.
ولعل هذا النهج الذي أصبح يتكرر عبر تجاوز الاختصاصات من وزراء ينتمون لحزب التجمع الوطني للأحرار، قد يكون مؤشرًا على محاولة هذا الحزب لمواصلة بسط سيطرته على مؤسسات الدولة، واستغلال وجوده في الحكومة ليس فقط لتدبير القطاعات التي يشرف عليها وزراؤه، بل أيضًا للتدخل في قطاعات أخرى، سواء عبر الوزراء أو حتى عبر كتاب الدولة والمسؤولين الحزبيين.
وإذا كان عزيز أخنوش يرى نفسه قادرًا على إدارة جميع القطاعات بنفسه، فلماذا دخل في تحالف مع أحزاب أخرى، ووزع الحقائب الوزارية على شخصيات أخرى؟ فهل نحن أمام تحول خطير في تدبير الشأن العام، حيث تتحول الحكومة من فريق وزاري إلى حزب مهيمن يوجه كل القرارات؟ هذه الأسئلة تظل مفتوحة، لكنها تكشف عن إشكال جوهري يتعلق بمستقبل التوازنات داخل الدولة، وحول ما إذا كانت بلادنا تسير نحو حكومة كفاءات متكاملة، أم نحو سيطرة حزب واحد على كل دواليب السلطة، وللمغاربة أن يتخيلوا حجم الخطر الكبير الذي يشكله ذلك على مستقبل البلاد.
وبالرجوع إلى كرة القدم، لو كان عزيز أخنوش وطفله المدلل السعدي يهتمان فعلا بهذه الرياضة، لما تركا فريق حسنية أكادير يتخبط في مشاكل مالية وتنظيمية. أما قطاع الصحة والحماية الاجتماعية، فالكل يعلم أنه ورش ملكي أشرف على تدبيره بنجاعة عالية الوزير السابق خالد آيت الطالب، ولم يرى المغاربة بعد أي إنجاز ولا بصمة جديدة تذكر للوزير الحالي التهراوي الذي لا يكاد يتنفس إلا بأمر من عزيز أخنوش.