رد جيرار لارشي على تبون ووزيره عطاف.. من العيون! – برلمان.كوم

الخط :

قد تبدو تصريحات رئيس مجلس الشيوخ الفرنسي، بمناسبة زيارته إلى المغرب، وأساسا إلى العيون، كبرى حواضر الصحراء، امتدادا فقط لما سبق أن قاله رئيس الجمهورية إيمانويل ماكرون في رسالته إلى ملك البلاد، وهو يعلن عن دعمه لسيادة المغرب على الصحراء، أو في كلمته أمام البرلمان المغربي في 24 أكتوبر من السنة الماضية.
إذا كان ذلك حاضرا ومقصودا، بطريقة حرفية تقريبا، في نقل مضامين ما هو محسوب على ماكرون، فإن رئيس مجلس الشيوخ أراد أن يتحدث في سياق محكوم بمستجدات ظرفية كذلك.

وتحدث الرئيس التشريعي لارشي، الشخصية الثالثة في تراتبية النظام الدستوري للجمهورية الخامسة في فرنسا، والنظام السياسي، بعد الرئيس والوزير الأول. وهو يتحدث في العمق بلسان تاريخي للجمهورية، وما وراء الهيئة التي يمثلها ـ (الغرفة الثانية إلى جانب الجمعية الوطنية، الغرفة الأولى) يتجسد فيه تاريخ الدولة والجمهورية، والبرلمان والدستور والنظام البرلماني برمته. وبصفته رئيسا للغرفة الثانية بمجلس الشيوخ هو أيضا رئيس المجلس الأعلى للجماعات التابعة في فرنسا. لا يقف دوره عند ضمان التوازن المؤسساتي، بل يملك سلطة في التعيين (جمهورية الحكماء والخبراء) وهو ضامن المشروعية “légalité républicaine” الجمهورية في زمان الأزمات.. وغير هذا من الأدوار كثير، بالتالي فإن الذي كان يتحدث كان يتكلم باسم كتلة رمزية وسياسية وتاريخية للجمهورية الفرنسية.

وفي توقيت الزيارة، التي جاءت بعد زيارة رشيدة ذاتي، رد على مواقف الطرف الرابع والأساسي في المائدة المستديرة كما حددتها قرارات مجلس الأمن، أي الجزائر، ونحن نذكر الهجوم والاستفزاز والسلبية التي طبعت الرد الوارد في بلاغ وزارة خارجية الجزائر، باسم وزيرها عطاف، والذي وصل إلى درجة لا توصف في الوقاحة الديبلوماسية بين بلدين.

نحن نعتبر أن الزيارة، التي يفصلها عن زيارة وزيرة الثقافة أسبوع على الأكثر، هي في حد ذاتها رد عملي.

عندما نقرأ تصريحات رئيس مجلس الشيوخ بأن «الموقف من السيادة المغربية لا جدال فيه»، لا نفكر بالضرورة في كونه تصريح ـ امتداد لما سبق أن قاله الرئيس ماكرون أو ضرورة سياسية، بقدر ما نقرأ فيه ردا على الحوار الذي أجرته «لوبينيون» الفرنسية مع رئيس الجمهورية الجزائرية والذي كان قد تجاوز الأعراف الديبلوماسية في المطالبة بإعادة النظر في الموقف من سيادة المغرب. وقوله بكون رئيس الجمهورية ماكرون أخطأ في الموقف.

وقد جاء الرد من خلال تأكيد لا رجعية المواقف المعبر عنها. أيضا من خلال اعتبار موقف الرئيس ماكرون هو موقف الدولة ـ الجمهورية، ليس موقفا عابرا محكوما بظرفية سياسية انتخابية أو ظرفية حكومية مطبوعة بالتقلبات. بل حسم الرجل الثالث في هرم الدولة الموضوع.

رده على بيان الخارجية الجزائرية، وتصريحات عبد المجيد تبون في حواره مع يومية «لوبينيون»، يقرأ من زاوية ما وقع منذ توقيع الشراكة الاستراتيجية المتجددة.

وفي الشق العملي، انتقل الطرفان المغربي والفرنسي إلى تنفيذ ما اتفقا عليه، بوضوح وشفافية، وفي مساواة في السيادة، وبناء الثقة، بما يتجاوز التدبير العادي لما بعد أزمة حادة بين باريس والرباط.

لعلنا لن نبالغ إذا قلنا بأن العلاقة انتقلت من تحرير مبادئ الشراكة الاستراتيجية وما فيها من جوهري، إلى مستوى الوضع… الاستثنائي. ذلك أن الرجل رد من عاصمة الصحراء، بعد أن كان أول شخصية سياسية بمستواه تزور صحراءنا، في العلاقات بيننا، ولعله من بين الشخصيات السياسية العالمية الأسمى، التي تزور أو زارت الصحراء منذ المسيرة كذلك.

عن أسيل الشهواني

Check Also

وزير الصناعة والتجارة يكشف عن تلاعبات في سوق اللحوم الحمراء وهوامش ربح غير مسبوقة

الخط : A- A+ كشف وزير الصناعة والتجارة، رياض مزور، عن وجود 18 مضاربا يتحكمون …

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *