تركيا ومعضلة الكحول المغشوش.. 133 حالة وفاة منذ بداية 2025 فما الأسباب؟

أدى فرض الحكومة رسوما على المشروبات الروحية إلى ظهور مختبرات سرية تحت الأرض حيث يخلطون الكحول الرخيص بمواد سامة وخطيرة مثل الميثانول، فيضيفون جرعات صغيرة تتراوح بين 20 و30 ملليلترًا حيث يسعى أصحاب تلك المختبرات إلى تحقيق الربح وبأقل كلفة.

اعلان

أصبح الكحول المغشوش ظاهرة تؤرق السلطات التركية في مشهد يذكرنا بما تشهده الهند من وقت لآخر.

مع تزايد نسبة التضخم وارتفاع الأسعار تتراكم زجاجات العرق على رفوف محلات الخمور في تركيا. فتكون النتيجة أن العديد من مستهلكين هذه المادة يلجؤون إلى خيارات أرخص وغالبا ما تكون خطيرة.

وتقول السلطات إن ما لا يقل عن 133 شخصا لقوا حتفهم منذ بداية السنة في تركيا؛ بسبب تناولهم الكحول المغشوش، 63 منهم في أنقرة و70 في مدينة إسطنبول أكبر مدن البلاد. كما لا يزال العشرات يتلقون العلاج في المستشفيات.

فيلي شاهين يعمل سمسار عقارات وصانع خمور تقليدية، ويقول في هذا الشأن: لا يجب أن تصل الأمور إلى هذا الحد في هذا البلد”. وقد أصبح يستعمل مادة الإيثانول لإنتاج مشروبات روحية منزلية. ويروي كيف كان يتقاسم مع الأصدقاء شرب زجاجة العرق التركي الشهير. ويقول إنه مضطر لشراء كحول الإيثانول من أماكن مشبوهة بأسعار معقول. 

أما أوغور آيباس رئيس جمعيات تجار المشروبات الروحية فيقول: “انظروا تصطف الزجاجات على الرفوف وكأننا في متحف للخمور. الناس تأتي وتسأل عن السعر ثم ينصرفون”.

ويضيف أن زجاجة عرق (70 سنتيلتر) كانت تساوي 360 ليرة تركية (9.9 دولار) لكنها الآن تساوي ألف ليرة (27.51 دولار) بعد إضافة ما يسمى الرسم على الاستهلاك الخاص وأيضا الضريبة على القيمة المضافة. وهما مجتمعان يمثلان نسبة 70%.

ويرفض آيباس الاتهامات التي تستهدف العاملين في القطاع فيقول: إن “أصحاب المحلات المرخصة ليسوا مسؤولين عن حالات الوفاة التي حدثت بسبب الكحول المغشوش”.

وقد شهدت عشرات المقاطعات التركية بما فيها إسطنبول وأنقرة عمليات مداهمة للشرطة حيث تمت مصادرة عشرات الآلاف من لترات الكحول المغشوش إضافة للعشرات من آلات التقطير. كما تم القبض على العديد من الأشخاص المتورطين، لكن لا تزال تلك المواد تحظى بانتشار واسع في البلاد. 

وقد أدى فرض الحكومة رسوما على الكحول إلى ظهور مختبرات سرية تحت الأرض حيث يخلطون الكحول الرخيص بمواد سامة وخطيرة مثل الميثانول، فيضيفون جرعات صغيرة تتراوح بين 20 و30 ملليلترًا حيث يسعى أصحاب تلك المختبرات إلى تحقيق الربح وبأقل كلفة.

ويقول جنكيز ديف وهو كيميائي وصانع معدات التقطير إن الناس يضعون عن عمد وسابق إصرار، الميثانول في الكحول الإيثيلي أو الإيثانول.

من جهتها حذرت وزارة الخارجية البريطانية مواطنيها المسافرين إلى تركيا من خطر تناول الكحول المغشوش.

وبحسب الأرقام الرسمية وشهادات أصحاب المحال، فقد ارتفع سعر قنينة العرق، التي كانت تباع بين 90 و100 ليرة تركية عام 2018، ليصل اليوم إلى ما بين 1000 و1500 ليرة.

ويعزو أصحاب القطاع ارتفاع الأسعار إلى التضخم وزيادة الرسوم وتقلب العملة التركية.

ويقول الخبراء وأصحاب المحلات، إن تلك الرسوم المفروضة وراءها دوافع إيديولوجية. وكان الرئيس رجب طيب أردوغان قد صرح في السابق إنه سيتم زيادة الرسوم على الكحول والتبغ لثني الناس عن استعمال هذه المواد.

عن شريف الشرايبي

Check Also

ألمانيا: ملامح المشهد السياسي الجديد

نستضيف في هذا العدد من “حدث اليوم” السيد سامي شرشيرة عضو الائتلاف الحكومي لمدينة دوسلدروف عن حزب …

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *