غزة- خاض مقدمو الخدمة الإنسانية في جهاز الدفاع المدني الفلسطيني مغامرات خطيرة بهدف إنقاذ حياة المواطنين من براثن حرب الإبادة على قطاع غزة التي امتدت لـ470 يوما، حيث ألقت إسرائيل خلالها 100 ألف طن من المتفجرات خلفت ما يزيد على 48 ألف شهيد.
وقد حاورت الجزيرة نت مدير عام جهاز الدفاع المدني في قطاع غزة اللواء عبد العزيز العطار للوقوف على متطلبات المرحلة المقبلة لانتشال جثث ما يزيد على 14 ألف مفقود تحت الركام، وإزالة الخطر الذي يتهدد حياة المواطنين الذين اضطروا للعيش بين بقايا منازل آيلة للسقوط.
![جهاز الدفاع المدني مصدرها جهاز الدفاع المدني](https://cultureddata.net/wp-content/uploads/2025/02/مدير-الدفاع-المدني-بغزة-نحتاج-المعدات-الثقيلة-لانتشال-جثث-14.jpg)
خسائر الجهاز
ومنذ اللحظة الأولى لبدء العدوان على قطاع غزة، استنفر جهاز الدفاع المدني جميع عناصره العاملة في الميدان، والتي بقيت تعمل على مدار الساعة دون توقف رغم الأخطار المحدقة بسبب الاستهداف الإسرائيلي المباشر لهم، كما يقول مدير عام جهاز الدفاع المدني.
وأضاف العطار أن الدفاع المدني قدم 99 شهيدا خلال الحرب على غزة، كما أصيب 319 آخرين، بينما اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي 27 عنصرا كانوا على رأس عملهم، وذلك في اختراق إسرائيلي واضح لجميع القوانين الدولية التي تمنع استهداف مقدمي الخدمة الإنسانية، وتؤكد على وجوب حمايتهم.
وأكد العطار أن جهاز الدفاع المدني خسر ما نسبته 48% من إجمالي كوادره ما بين شهيد وأسير وجريح، وعدد منهم فقدوا أطرافهم بسبب العدوان ولن يتمكنوا من العودة لمباشرة مهامهم.
ونوه إلى أن “الدفاع المدني” يحتاج إلى إردافه بقدرات بشرية بعدما خرج أكثر من نصفها عن الخدمة، وذلك في سبيل استكمال مهمته، وقال “حاجة المواطنين الآن لجهد الدفاع المدني لا تقل عن حاجتهم للمستشفيات على الرغم من الخطورة الكبيرة التي تتعرض لها طواقمنا الميدانية”.
ولفت العطار إلى أن الدفاع المدني في القطاع المحاصر فقد 85% من مقدراته بشكل كامل، علاوة على تعمد قوات الاحتلال تدمير جميع مقراته في محافظتي غزة والشمال، ومعظم المقرات الأخرى وسط وجنوب القطاع.
وشدد على أن جهاز الدفاع المدني بحاجة ماسة لكل المقدرات التي فقدها نتيجة الدمار الذي لحق بقطاع غزة، بالإضافة إلى توفير معدات ومقومات كاملة، تشمل سيارات إنقاذ وأخرى مخصصة لمهام الإطفاء وإسعافات.
مهام عاجلة
ورغم دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ فإن مهام عناصر الدفاع المدني متواصلة لانتشال جثث أكثر من 14 ألف شهيد لا تزال تحت الأنقاض، وهي المهمة الأصعب كما يصفها مدير عام جهاز الدفاع المدني بقطاع غزة.
وربط العطار استكمال مهمة انتشال جثث الشهداء بإدخال قوات الاحتلال الاحتياجات المطلوبة لعمل طواقم الإنقاذ، وذلك بناء على البروتوكول الإنساني الخاص باتفاق وقف إطلاق النار.
وتابع “لا يمكن لطواقم الدفاع المدني انتشال جثث هذا العدد الكبير من الشهداء دون أن يسمح الاحتلال بإدخال معدات ثقيلة تشمل حفارات وجرافات” مشددا على أن قوات الاحتلال لم تلتزم حتى هذه الأيام بما ينص عليه البروتوكول الإنساني “وتتملص من تنفيذه رغم الحاجة الإنسانية الملحة”.
وطالب مدير عام جهاز الدفاع المدني الوسطاء وضامني اتفاق وقف إطلاق النار والجهات الإغاثية الدولية بضرورة التدخل لإدخال المعدات، والمساعدة في إنهاء هذه القضية الإنسانية المتعلقة بحفظ كرامة الشهداء ودفنهم في المقابر.
وبحسب العطار فإن الدفاع المدني وضع خطة 100 يوم لانتشال جثث جميع الشهداء بشكل كامل، بالتعاون مع فرق مساعدة وإسناد عربية لإنجاز المهمة دون تأخير، لكنه أكد أن ذلك مرهون بمدى استجابة الاحتلال والسماح بوصول المعدات إلى قطاع غزة.
![جهاز الدفاع المدني مصدرها جهاز الدفاع المدني](https://cultureddata.net/wp-content/uploads/2025/02/1739345190_708_مدير-الدفاع-المدني-بغزة-نحتاج-المعدات-الثقيلة-لانتشال-جثث-14.jpg)
مخاطر محدقة
لا تزال المخاطر تحدق بآلاف المواطنين في محافظات قطاع غزة نظرا لوجود مئات المنازل الآيلة للسقوط، والتي يتوجب على الجهات المختصة إزالتها، حيث يقول العطار “نخشى على حياة المواطنين من تساقط بقايا المنازل التي تعرضت للقصف على رؤوسهم، بعدما اضطر عدد منهم للعيش فيها نظرا لغياب البدائل، وهذا يتطلب تحركا سريعا لإزالة الخطر”.
ولفت إلى أن هناك الكثير من الأسقف والأعمدة المعلقة الآيلة للسقوط، وقد أدت الرياح العاصفة مؤخرا لسقوط جدار على ساكنيه مما أدى لمقتل طفل وإصابة آخرين. وفي سبتمبر/أيلول الماضي انهار منزل -مكون من 5 طوابق تعرض لقصف سابق- على رؤوس مواطنين اضطروا للعودة للسكن فيه بسبب غياب البدائل، مما أدى لاستشهاد 5 مواطنين، ولم تتمكن فرق الإنقاذ حينها من انتشال جثثهم وبقيت تحت الركام.
وحذر مدير عام جهاز الدفاع المدني من تكرار السيناريو مع عشرات المنازل، سيما في شمال قطاع غزة الذي دمر الاحتلال 90% منه، مما أدى لاضطرار السكان للعيش بين الركام.
وأضاف “قدمنا الكثير من المناشدات بضرورة إرداف جهاز الدفاع المدني باحتياجاته، لكن ذلك لم يجد آذانا صاغية حتى الآن، رغم أن هناك مخاطر كبيرة من وجود مخلفات متفجرة في المناطق التي تعرضت للقصف، وممكن أن تنفجر في أي لحظة وتزهق حياة المزيد من المواطنين”.
وشدد العطار على أن الظروف المعيشية للفلسطينيين في قطاع غزة صعبة جدا “سيما في فصل الشتاء، حيث تطايرت الخيام بسبب العواصف، ويجب التدخل لوضع حد لهذه المعاناة المتواصلة منذ بداية العدوان”.