اعتبر رئيس مجلس مجلس المستشارين، محمد ولد الرشيد، أن الدورة البرلمانية الخريفية كانت استثنائية بحكم الأجندة التشريعية الضاغطة، متعهدا بمواصلة الزغم الذي تعرفه الديبلوماسية البرلمانية على مستوى الغرفة الثانية للبرلمان من خلال محطات ثنائية ومتعددة الأطراف.
وأشار ولد الرشيد، في كلمته بمناسبة اختتام الدورة الأولى للسنة التشريعية الرابعة من الولاية التشريعية 2021-2027، أن الدورة الخريفية كانت استثنائية بامتياز لاعتبارات متعددة من أهمها حجم وطبيعة الأجندة التشريعية الضاغطة على الحكومة وعلينا كبرلمان على حد سواء، وخصوصا أن الأمر يتعلق بنصوص قانونية في غاية الأهمية ومهيكلة.
وتعهد ولد الرشيد بمواصلة مجلس المستشارين خلال الفترة القادمة مبادراته البرلمانية الدبلوماسية من خلال محطات ثنائية ومتعددة الأطراف، تندرج في إطار تنزيل المخطط الاستراتيجي لنصف الولاية 2024-2027، الذي تمت بَلْوَرَتُه بشكل تشاركي من طرف كافة مكونات مجلس المستشارين، وفق الآليات والمبادرات الجديدة المقترحة في مجال الدبلوماسية البرلمانية، تماشيا مع التوجيهات الملكية، التي جاءت في خطاب افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الرابعة من الولاية التشريعية الحادية عشرة.
وسجل المتحدث ذاته أن “هذه الدورة تأتي في ظرفية تقترن بموعد منتصف الولاية الحكومية، وفي المقابل بتزايد حجم انتظارات المواطنات والمواطنين”، معتبرا أن “هذا ما يؤكد دور مجلسنا كفضاء مؤسساتي للاقتراح البناء والمساهمة الإيجابية، ولعل حصيلة مجهودنا الجماعي تعكس ذلك سواء من حيث الكيف أو الكم”.
وبخصوص المعالم البارزة على المستوى التشريعي خلال هذه الدورة، أورد المتحدث ذاته أن اللجان الدائمة بالمجلس عكفت على دراسة النصوص التشريعية المحالة عليها، في أجواء من التعاون والنقاش البنّاء مع الحكومة، وفي ظل تعبئة كبيرة، أَمْلَتها الطبيعة الخاصة لهذه النصوص، وقد تكللت جهودنا المشتركة بالموافقة على عدد من النصوص ذات الأهمية الكبرى بالنسبة لبلادنا.
والجدير بالتنويه به، حسب رئيس مجلس الغرفة الثانية للبرلمان، في الحصيلة التشريعية لهذه الدورة، ليس جانبها الكمي فقط، وإنما أساسا مضمونها النوعي المتفرد، بحيث تميزت بالمصادقة على نصوص تأسيسية تَتَبَوَّأُ صدارة النصوص القانونية المعتمدة في بلادنا منذ الاستقلال، وعلى رأسها القانون التنظيمي رقم 97.15 المتعلق بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب.
أما على مستوى المبادرة التشريعية لأعضاء المجلس، عبر إعمال حق التعديل، أوضح ولد الرشيد أنه “النصوص المصادق عليها خلال هذه الدورة، عرفت إسهاما واسعا من قبل أعضاء المجلس، حيث تقدمت مكونات المجلس بما مجموعه 653 تعديلا على النصوص المصوت عليها القابلة للتعديل”، مستدركاً أن “هذه الأرقام لا تشمل باقي مشاريع القوانين التي توجد قيد الدرس باللجان الدائمة، وهو ما يُبين مدى صدقية وجدية النقاش البرلماني داخل مؤسستنا بشأن النصوص المتداول بشأنها خلال الدورة”.
إضافة إلى ذلك، يورد المتحدث ذاته، أنه في خضم الزخم الدبلوماسي للمملكة المغربية، والعمل الدؤوب على تعزيز العلاقات الثنائية، والتزامات المغرب على الصعيد الدولي، تحت القيادة الملكية، وافق المجلس خلال هذه الدورة على 25 مشروع قانون يقضي بالمصادقة على اتفاقيات دولية ثنائية ومتعددة الأطراف، همت مختلف مجالات التعاون، الثنائي والدولي، الجمركي والضريبي والقضائي والنقل البحري والموانئ والاستثمار والوقاية المدنية وحماية التنوع البيولوجي البحري وغيره، مشددا على أنها نصوص ستسهم بكل تأكيد في تعزيز الدور الفاعل للمملكة المغربية على الصعيد الدولي، وأن ترقى بالشراكة والتعاون اللذان يجمعان المملكة بعدد من الدول الشقيقة والصديقة، خاصة الإفريقية والعربية والأوروبية.
أما على مستوى الجلسات العمومية، لفت المتحدث ذاته إلى عقد المجلس خلال هذه الدورة 32 جلسة عامة، بمدة زمنية ناهزت 66 ساعة، مَيَّزتها بالأساس الجلسات العامة المشتركة مع مجلس النواب، وعقد جلستين شهريتين قدم خلالهما السيد رئيس الحكومة أجوبته عن الأسئلة المتعلقة بالسياسة العامة، حول موضوعين هامين، يتعلق الأول بـ “منظومة الصناعة الوطنية كرافعة للاقتصاد الوطني” والثاني بـ “المؤشرات الاقتصادية والمالية وتعزيز المكانة الدولية للمغرب”.
وبيَّن المتحدث ذاته أن هذه الدورة اتسمت بعقد 14 جلسة أسبوعية للأسئلة الشفهية، وثماني (8) جلسات للدراسة والتصويت على النصوص التشريعية المحالة على المجلس، مبرزا تخصيص جلسات الأسئلة الأسبوعية لمساءلة 26 قطاعا حكوميا، حول مواضيع ذات صلة بطبيعة تركيبة مجلس المستشارين، والتي تجعله منه مِنْبرا ذي مصداقية في معالجة القضايا المرتبطة بها، بحكم الخبرة والتجربة الميدانية التي يتمتع بها السيدات والسادة المستشارون في هذه المجالات.
وبالنسبة للأسئلة الشفهية المتوصل بها خلال الفترة الفاصلة بين الدورتين وخلال دورة أكتوبر 2024، سجل ولد الرشيد أنه بلغ عددها 985 سؤالا، أجابت الحكومة عن 300 منها خلال الجلسات العامة الأسبوعية الـــ14، من ضمنها 121 سؤالا آنيا و179 سؤالا عاديا، مبرزاً بلوغ عدد الأسئلة الكتابية المتوصل بها خلال نفس الفترة ما مجموعه 351 سؤالا أجابت الحكومة على 435 منها، تتضمن عدد منها أجوبة على أسئلة مطروحة في دورات سابقة.
وفيما يخص تقييم السياسات العمومية، أوضح المتحدث ذاته أن مجلس المستشارين شكل مجموعتين موضوعَاتِيَتَيْنْ، أٌنيطت بإحداهما مهمة التحضير للجلسة السنوية لمناقشة وتقييم السياسات العمومية، المزمع عقدها قبل اختتام السنة التشريعية الجارية، بحيث تم بعد نقاش مستفيض تحديد موضوع “السياسات العمومية المرتبطة بالاستثمار والتشغيل”، كمحور لها.
وبالموازاة مع ذلك، يضيف ولد الرشيد أنه تم تكليف المجموعة الموضوعاتية الأخرى بإعداد تقرير حول “القضية الوطنية الأولى للمغرب، قضية الوحدة الترابية للمملكة”، بالنظر إلى ما يكتسيه هذا الموضوع من أهمية، انسجاما مع مضامين الخطاب الملكي السامي بمناسبة افتتاح هذه الدورة.
وعلى مستوى المنظمات البرلمانية الجهوية والقارية والدولية، أوضح أورد ولد الرشيد “أننا شاركنا على رأس وفد عن المجلس في أشغال الدورة ال38 للجمعية العامة لبرلمان أمريكا اللاتينية والكراييب، وهي المشاركة التي تندرج في إطار ترسيخ العلاقات المتميزة التي تجمع بين المملكة المغربية وبلدان منطقة أمريكا اللاتينية والكراييب، وتوطيد التَمَوْقُع المتين الذي يحظى به البرلمان المغربي لدى الاتحادات الإقليمية والجهوية والقارية بأمريكا اللاتينية والكراييب وضمنها البارلاتينو”.
وسجل المتحدث ذاته “أننا قمنا خلال هذه المهمة بعقد لقاءات ثنائية مع رؤساء البرلمانات الوطنية والاتحادات الجهوية بأمريكا اللاتينية والكراييب، وتباحث سبل مواصلة تعزيز أدوار مكتبة الملك محمد السادس التي تم إنشاؤها بمقر البارلاتينو”.
وسجل المتحدث ذاته أن “هذه المشاركة توجت بتوقيع إعلان مشترك يرمي إلى إنشاء “المنتدى البرلماني الاقتصادي المغرب – أمريكا اللاتينية والكراييب”، كمبادرة تستجيب للحاجة إلى تعميق هذه العلاقات الاستراتيجية، وإنشاء فضاء مؤسسي رسمي ودائم للحوار البرلماني البين – إقليمي الذي من شأنه تعزيز التعاون وتوطيد العمل في القضايا ذات الاهتمام المشترك، وجرى توقيع هذا الإعلان بمكتبة الملك محمد السادس حفظه الله، في عاصمة جمهورية بنما، من قبلنا ومن طرف رئيس برلمان أمريكا اللاتينية والكراييب، ورئيس برلمان أمريكا الوسطى، ورئيسة برلمان الميركوسور، ورئيس البرلمان الأنديني.
ظهرت المقالة ولد الرشيد: الدورة الخريفية استثنائية وسنواصل مبادراتنا في الديبلوماسية البرلمانية أولاً على مدار21.