نقابي ينتقد قانون الإضراب ويكشف تفاصيل الواقع المزري الذي يعيشه مفتشو الشغل بالمغرب

الخط :

أثار تمرير قانون الإضراب في البرلمان موجة غضب عارمة في الأوساط النقابية، حيث اعتبرته تعديا صارخا على الحقوق العمالية ومساسا خطيرا بالمكتسبات الاجتماعية. حيث ترى النقابات أن هذا القانون لم يأتِ لحماية الحق في الإضراب، بل لتقييده بآليات تعجيزية تُفرغه من جوهره النضالي، مما يُشكل ضربة قاسية للحركة النقابية.

وفي رد حاسم، أعلنت المركزيات النقابية عن إضراب عام يومي 5 و6 فبراير، في خطوة تصعيدية تهدف إلى إسقاط هذا القانون الذي اعتبروه يُهدد حرية الاحتجاج ويُكرّس هيمنة السلطة على الفعل النقابي، مما يُنذر بمواجهة مفتوحة بين الحكومة والعمال.

الإضراب.. سلوك اجتماعي

في تصريح خص به موقع “برلمان.كوم“، أبدى عضو المكتب التنفيذي للاتحاد النقابي لموظفي وأطر الشغل التابع للاتحاد المغربي للشغل، بقطاع التشغيل، جحجوح عبد الكبير، موقفا واضحا حول مشروع قانون الإضراب في المغرب، معتبرا أن النقاش الدائر حوله يفتقر إلى الشروط الكفيلة بضمان ممارسة نقابية فعلية، ما يجعله محل جدل واسع داخل الأوساط العمالية والاجتماعية.

ويرى جحجوح وهو مفتش شغل بالرباط أن تنظيم الإضراب بقانون قد يكون أمرا ضروريا من حيث المبدأ، لكنه يشدد على أن أي تقنين لهذا الحق يجب أن يأخذ بعين الاعتبار الواقع الاجتماعي والاقتصادي للبلاد، خاصة أن الإضراب سلوك اجتماعي تحكمه معادلات اجتماعية، والقضاء الاجتماعي هو الجهة المخولة للفصل في نزاعاته، كما هو الحال في الدول التي قطعت أشواطا طويلة في هذا المجال.

وأوضح النقابي أن الحديث عن خطر النقابات على استقرار الدولة هو مبالغة غير مبررة، لافتا إلى أن الإضراب لا يشكل تهديدا للاقتصاد المغربي كما يروج البعض، بل على العكس، فإن ضمان ممارسة نقابية سليمة وحماية حقوق الأجراء، يسهم في خلق بيئة استثمارية مستقرة وجاذبة لرؤوس الأموال.

وأحد الإشكالات المطروحة في الساحة النقابية، وفقا لجحجوح، هو العزوف عن الانخراط في العمل النقابي، حيث لا يتجاوز عدد النقابيين والمضربين 1% من مجموع الأجراء، ما يعكس صعوبة ممارسة الإضراب، خاصة في القطاع الخاص، حيث يسود الخوف من العقوبات والتضييقات، كما شدد على أن ممارسة الإضراب تستوجب توفر شروط اجتماعية غير موجودة حاليا، مما يضعف الممارسة العمالية ويهدد مستقبل التمثيل النقابي.

وانتقد جحجوح بعض البنود التي قد تمنح الإدارة حق اللجوء إلى العقوبات القانونية ضد المضربين، معتبرا أن ذلك يمس بالحريات العامة ويشكل تهديدا لحقوق العمال، مضيفا أن الديمقراطية الحقيقية تقتضي فتح المجال أمام الحريات العامة، بما في ذلك الحق في الإضراب، دون تهديدات أو تضييقات.

وأكد جحجوح في تصريحه على أن أي إصلاح قانوني في مجال الإضراب يجب أن يكون متوازنا ويضمن حقوق جميع الأطراف، مشددا على ضرورة إلزام أرباب العمل بأداء أجور العمال خلال فترات الإضراب، حتى يكون هذا الحق ممارسة فعلية وليس مجرد نصوص غير قابلة للتطبيق.

ويظل ملف قانون الإضراب قضية حساسة تستوجب نقاشا معمقا بين الحكومة والنقابات، لضمان توافق يحفظ مصالح العمال دون الإضرار بالاقتصاد الوطني.

أزمة مفتشي الشغل

ومن جهة أخرى، وردا على سؤال “برلمان.كوم”، بخصوص وضعية مفتشي الشغل ببلادنا، كشف النقابي في الاتحاد المغربي للشغل (UMT)، عن الوضع الكارثي الذي تعيشه هذه الفئة، حيث وصف الجهاز بأنه يعاني من “عطب مزمن” يكرس حالة من التهميش والإهمال.

وأوضح ذات المتحدث، أن الوزارة الوصية تكتفي بإطلاق الوعود دون تنفيذها، ما جعل الثقة بين المفتشين والمسؤولين شبه معدومة، مؤكدا أن موظفي التفتيش يعملون في ظروف غير مواتية، مع غياب الدعم اللوجستيكي والمالي اللازم لأداء مهامهم، إذ يتحملون حتى مصاريف التنقل من جيوبهم الخاصة، رغم أن ذلك يعد جزءا من عملهم الرسمي.

وأشار النقابي إلى أن مفتشي الشغل يواجهون تضييقات إدارية خطيرة، حيث يتم تهديد استقرارهم المهني من طرف بعض المسؤولين إذا لم يمتثلوا لتوجيهات غير مهنية، وهو ما يعيق أداءهم لمهامهم الرقابية والإدارية بالشكل المطلوب.

كما شدد على أن وضعية المفتشين لا ترقى إلى مستوى المهام الحيوية التي يقومون بها، خاصة عند مقارنتها بقطاعات تفتيشية أخرى في الدولة، حيث يتقاضى المفتشون في قطاعات أخرى أجورا مضاعفة، بينما يعاني مفتشو الشغل من تدني الأجور وغياب الحماية القانونية الكافية لممارسة مهامهم باستقلالية.

وفي ظل هذا الوضع المتأزم، يطالب مفتشو الشغل الوزارة الوصية بالتدخل العاجل لإصلاح نظام تفتيش الشغل وضمان حقوق المفتشين، باعتبارهم ركيزة أساسية لضمان السلم الاجتماعي وتنظيم سوق العمل.

وأكد النقابي على أن استمرار تجاهل مطالبهم المشروعة قد يؤدي إلى مشاكل كبيرة في هذا الجهاز الحيوي، ما سينعكس سلبا على أوضاع العمال والمشغلين على حد سواء، مشددا على ضرورة إقرار نظام أساسي عادل يوفر لمفتشي الشغل كل الإمكانيات الضرورية لأداء دورهم الرقابي بفعالية، دون ضغوط أو ابتزاز إداري يهدد مسارهم المهني.

عن أسيل الشهواني

Check Also

الوزير قيوح يتخذ قرارات جديدة لدعم الشفافية وإنصاف المرتفقين – برلمان.كوم

الخط : A- A+ علم موقع “برلمان.كوم” ان وزير النقل واللوجيستيك عبدالصمد قيوح، أعطى تعليماته …

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *